المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (545)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (545)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ضَرَبَ الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا مَعَ ذَلِكَ أَرْزَاقُ الْمُسْلِمِينَ وَضِيَافَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ
( ش ) : وَقَوْلُهُ ضَرَبَ الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا يَقْتَضِي أَنَّهُ قَدَّرَهَا بِهَذَا الْمِقْدَارِ وَذَلِكَ لِمَا رَآهُ مِنْ الِاجْتِهَادِ وَالنَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ وَاحْتِمَالِ أَحْوَالِ أَهْلِ الْجِزْيَةِ وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مِقْدَارِ الْجِزْيَةِ فَاَلَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّ قَدْرَهَا عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا لَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَضْعُفُ خُفِّفَ عَنْهُ بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُنْقَصُ مِنْ فَرْضِ عُمَرَ لِعُسْرٍ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ لِغِنًى وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهَا قَالَ وَقِيلَ أَقَلُّهَا دِينَارٌ وَعَشْرَةُ دَرَاهِمَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : أَقَلُّهَا دِينَارٌ وَلَا يَتَقَرَّرُ أَكْثَرُهَا ; لِأَنَّهُ إِذَا بَذَلَ الْغَنِيُّ دِينَارًا لَمْ يَجُزْ قِتَالُهُمْ وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ أَكْثَرَ الْجِزْيَةِ دِينَارٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْجِزْيَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ : أَقَلُّهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ والمتعلمين اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَدِينَارٌ وَالثَّانِي عَلَى أَوْسَطِ النَّاسِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَدِينَارَانِ , وَالثَّالِثُ عَلَى أَغْنِيَائِهِمْ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا فِعْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَحُكْمُهُ بِحَضْرَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَفَضَائِلُهُ تُسْمَعُ وَتُشْهَرُ وَلَمْ يُخَالِفْهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ وَلَا أَنْكَرَ فِعْلَهُ فَثَبَتَ أَنَّهُ إجْمَاعٌ ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ مَعَ أَرْزَاقِ الْمُسْلِمِينَ يُرِيدُ أَقْوَاتَ مَنْ عِنْدَهُمْ مِنْ أَجْنَادِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى قَدْرِ مَا جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ تِلْكَ الْجِهَةِ مِنْ الِاقْتِيَاتِ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا رَوَى أَسْلَمُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ يَأْمُرُهُمْ أَنْ لَا يَضْرِبُوا الْجِزْيَةَ إِلَّا عَلَى مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِي , وَجِزْيَتُهُمْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ مِنْهُمْ وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ وَعَلَيْهِمْ مِنْ أَرْزَاقِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالزَّيْتِ مُدَّيْنِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَثَلَاثَةَ أَقْسَاطِ زَيْتٍ كُلَّ شَهْرٍ لِكُلِّ إنْسَانٍ وَالْكِسْوَةُ الَّتِي يَكْسُوهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ النَّاسَ ضَرِيبَةٌ وَيُضَيِّفُونَ مَنْ نَزَلَ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَ لَيَالٍ وَعَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا لِكُلِّ إنْسَانٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَوَدَكٌ لَا أَدْرِي كَمْ هُوَ ؟ وَلَا تُضْرَبُ الْجِزْيَةُ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَيُخْتَمُ فِي أَعْنَاقِ رِجَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَضِيَافَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يُرِيدُ ضِيَافَةَ الْمَارِّ الْمُسَافِرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ أَقْصَى أَمَدِ ضِيَافَتِهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ ; لِأَنَّهَا فَرْقٌ بَيْنَ السَّفَرِ وَالْإِقَامَةِ ; وَلِذَلِكَ مَنْ عَزَمَ عَلَى مُقَامِ يَوْمٍ زَائِدٍ عَلَيْهَا أُمِرَ بِإِتْمَامِ الصَّلَاةِ ; لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يَتَلَوَّمُ لِطَالِبِ رُفْقَةٍ أَوْ تَعَذُّرِ حَاجَةٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ أَرَادَ مُقَامَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ مُقِيمٌ لَا يَلْزَمُ أَهْلَ الذِّمَّةِ ذَلِكَ , وَاَلَّذِي يَلْزَمُهُمْ مِنْ ضِيَافَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي مُدَّةِ الضِّيَافَةِ مَا سَهُلَ عَلَيْهِمْ وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ وَقَدْ رَوَى أَسْلَمُ أَنَّ أَهْلَ الشَّامِ اشْتَكَوْا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِمْ الْجَابِيَةُ أَنَّهُ إِذَا نَزَلَ بِهِمْ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَلَّفَهُمْ ذَبْحَ الْغَنَمِ وَالدَّجَاجِ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ لَا تَزِيدُوهُمْ عَلَيْهِ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ : وَيُوضَعُ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ ضِيَافَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُوفِ لَهُمْ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَازِمَةٌ مَعَ الْوَفَاءِ بِمَا عُوهِدُوا عَلَيْهِ.