المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (566)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (566)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ يَقُولُ كُنْتُ أَنَا وَأَبِي عِنْدَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فَذُكِرَ لَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَقَالَ مَرْوَانُ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَتَذْهَبَنَّ إِلَى أُمَّيْ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ فَلْتَسْأَلَنَّهُمَا عَنْ ذَلِكَ فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَذَهَبْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ فَسَلَّمَ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا كُنَّا عِنْدَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَذُكِرَ لَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ قَالَتْ عَائِشَةُ لَيْسَ كَمَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَتَرْغَبُ عَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَا وَاللَّهِ قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ قَالَ ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ فَخَرَجْنَا حَتَّى جِئْنَا مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فَذَكَرَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَا قَالَتَا فَقَالَ مَرْوَانُ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَتَرْكَبَنَّ دَابَّتِي فَإِنَّهَا بِالْبَابِ فَلْتَذْهَبَنَّ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنَّهُ بِأَرْضِهِ بِالْعَقِيقِ فَلْتُخْبِرَنَّهُ ذَلِكَ فَرَكِبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَرَكِبْتُ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَتَحَدَّثَ مَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَاعَةً ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ لَا عِلْمَ لِي بِذَاكَ إِنَّمَا أَخْبَرَنِيهِ مُخْبِرٌ
( ش ) : قَوْلُهُ كُنَّا عِنْدَ مَرْوَانَ فَذَكَرَ لَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ إِنَّ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ دَلِيلٌ عَلَى تَذَاكُرِهِمْ بِالْعِلْمِ فِي مَجَالِسِ عُلَمَائِهِمْ وَأُمَرَائِهِمْ وَتَحَفُّظِهِمْ لِأَقْوَالِ النَّاسِ فِيهِ وَقَوْلُهُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ "" أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَتَذْهَبَنَّ إِلَى أُمَّيْ الْمُؤْمِنِينَ فَلْتَسْأَلْهُمَا "" حِرْصٌ عَلَى مَعْرِفَةِ السُّنَّةِ وَمُوجَبِ الشَّرِيعَةِ سُؤَالُ مَنْ يُظَنُّ أَنَّهُ أَعْلَمُ بِحُكْمِ الْحَادِثَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا وَلِذَلِكَ خَصَّ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِالسُّؤَالِ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ عَائِشَةَ , وَقَدْ ذَكَرَ لَهَا قَوْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ لَيْسَ كَمَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ هُوَ الْوَاجِبُ مِنْ الرَّدِّ لَيْسَ فِيهِ أَذًى لِأَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا تَقْصِيرٌ عَنْ إنْكَارِ الْبَاطِلِ لَا سِيَّمَا فِيمَا عِنْدَهَا فِيهِ النَّصُّ الَّذِي لَا تَحِلُّ مُخَالَفَتُهُ , ثُمَّ قَالَتْ لَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّشْدِيدِ عَلَيْهِ , وَإِنْكَارِ التَّعَلُّقِ بِمَا أُورِدَ عَلَيْهَا مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَتَرْغَبُ عَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ وَهَذَا لِمَا اسْتَقَرَّ عِنْدَهُمْ وَأَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجِبٌ لَازِمٌ لَا يَسُوغُ غَيْرُهُ ثُمَّ ذَكَرَتْ مَا عِنْدَهَا مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ , وَقَالَتْ أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّهُ كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ , ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ , وَإِنَّمَا بَيَّنَتْ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ , وَأَمَّا الِاحْتِلَامُ فَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّوْمِ هُوَ وَلَا حَدَثُهُ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا يُرِيدُ أَنَّهَا وَافَقَتْهَا فِي الْحُكْمِ وَلَعَلَّهَا لَمْ تَأْتِ بِمِثْلِ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ , وَقَوْلُ مَرْوَانَ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَتُخْبِرَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِقْصَاءِ لِهَذِهِ الْقَضِيَّةِ لِيُعْلَمَ مَا عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ وَرُبَّمَا كَانَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ نَصٌّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نَاسِخًا أَوْ مَنْسُوخًا أَوْ يُوجِبُ تَخْصِيصًا أَوْ تَأْوِيلًا. ( فَصْلٌ ) تَحَدُّثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ قَبْلَ أَنْ يَذْكُرَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ حُسْنِ الْأَدَبِ وَتَقْدِيمِ التَّأْنِيسِ , وَقَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ تَسْلِيمٌ مِنْهُ لِلْحُكْمِ وَانْقِيَادٌ لِلْحَقِّ إذْ جَاءَهُ مِنْ النَّصِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ مِنْ عِنْدِ مَنْ لَا يَشُكُّ فِي ثِقَتِهِ وَلَا حَفِظَهُ وَعِلْمِهِ وَلَا سِيَّمَا فِي مِثْلِ هَذَا الْحُكْمِ وَقَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ إنَّمَا أَخْبَرَنِيهِ مُخْبِرٌ بَعْدَ الْأَصْلِ قَوْلُهُ بِذَلِكَ وَالْمُخْبِرُ الَّذِي أَخْبَرَهُ هُوَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ , وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رُجُوعُهُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ تَرَكَ فُتْيَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُؤَكِّدُ حَدِيثَ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ قوله تعالى فَالْآنَ بَاشَرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ فَأَبَاحَ الْوَطْءَ إِلَى تَبْيِينِ الْفَجْرِ وَمَنْ فَعَلَ هَذَا لَمْ يَكُنْ اغْتِسَالُهُ إِلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ.