المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (568)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (568)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَجُلًا قَبَّلَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ وَجْدًا شَدِيدًا فَأَرْسَلَ امْرَأَتَهُ تَسْأَلُ لَهُ عَنْ ذَلِكَ فَدَخَلَتْ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهَا فَأَخْبَرَتْهَا أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ فَرَجَعَتْ فَأَخْبَرَتْ زَوْجَهَا بِذَلِكَ فَزَادَهُ ذَلِكَ شَرًّا وَقَالَ لَسْنَا مِثْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُ يُحِلُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ ثُمَّ رَجَعَتْ امْرَأَتُهُ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَوَجَدَتْ عِنْدَهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ فَأَخْبَرَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أَخْبَرْتِيهَا أَنِّي أَفْعَلُ ذَلِكَ فَقَالَتْ قَدْ أَخْبَرْتُهَا فَذَهَبَتْ إِلَى زَوْجِهَا فَأَخْبَرَتْهُ فَزَادَهُ ذَلِكَ شَرًّا وَقَالَ لَسْنَا مِثْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُ يُحِلُّ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمُكُمْ بِحُدُودِهِ
( ش ) : قَوْلُهُ فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ وَجْدًا شَدِيدًا يُرِيدُ حَزِنَ وَأَشْفَقَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَحْظُورًا وَلَعَلَّهُ وَقْتَ أَنْ قَبَّلَ غَفَلَ عَنْ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ تَذَّكَّرَ فَأَشْفَقَ مِنْ فِعْلِهِ لَهُ وَظَنَّ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ فَأَرْسَلَ امْرَأَتَهُ تَسْأَلُ لَهُ عَنْ ذَلِكَ فَسَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ فَأَخْبَرَتْهَا بِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ هُوَ الْقُدْوَةُ وَالْأُسْوَةُ وَإِذْ لَا يَفْعَلُ الْمَحْظُورَ وَلَا يَأْتِيه. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَزَادَهُ لِذَلِكَ شَرًّا يَقْتَضِي أَنَّهُ اسْتَدَامَ الْأَسَفَ وَالْحُزْنَ فَكَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى حُزْنِهِ الْمُتَقَدِّمِ قَبْلَ السُّؤَالِ لَمْ يَأْتِهِ بِمَا يُقْنِعُهُ وَيُؤَمِّنُ خَوْفَهُ مِمَّا كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ أَثِمَ بِهِ فَيَكُونُ مَعْنَى زَادَهُ هُنَا أَدَامَ لَهُ الْأَسَفَ وَالْحُزْنَ وَلَمْ يُزِلْهُ مَا سَمِعَ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى زَادَهُ ذَلِكَ حُزْنًا اشْتَدَّ حُزْنُهُ لِمَا يَقْوَى عِنْدَهُ مِنْ سَنَدِ الْحَظْرِ حِينَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْ الْإِبَاحَةِ غَيْرُ مَا أَخْبَرَتْهُ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَهُ يَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ لَهُ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَرَجَعَتْ امْرَأَتُهُ لِتَسْأَلَ لَهُ هَلْ هَذَا الْحُكْمُ مِمَّا يُقْتَدَى فِيهِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ لَا وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَةَ قَدْ عَلِمْتِ فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِثْلِ هَذَا فَكَانَ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنَّ تُخْبِرَهَا بِذَلِكَ وَفِيهِ الْمُقْنِعُ وَلَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَنَّ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ لَمْ تُخْبِرْهَا بِذَلِكَ فَأَنْكَرَ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَنَبَّهَهَا عَلَى الْإِخْبَارِ بِأَفْعَالِهِ إذْ هِيَ السُّنَنُ , وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ أَكْثَرُ هَذِهِ الْمَعَانِي عَنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَجِبُ عَلَيْهِنَّ أَنْ يُخْبِرْنَ بِذَلِكَ لِيَقْتَدِيَ النَّاسُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا فَلَمَّا عِلْمَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَدْ أَعْلَمَتْهَا بِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ قَدْ اعْتَقَدَ أَنَّ حُكْمَهُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ حُكْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضِبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنْكَارًا لِقَوْلِهِ وَلِتَرْكِ التَّأَسِّيَ بِهِ , وَقَالَ : إنِّي وَاَللَّهِ لِأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمُكُمْ بِحُدُودِهِ.