المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (576)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (576)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ثُمَّ أَفْطَرَ فَأَفْطَرَ النَّاسُ وَكَانُوا يَأْخُذُونَ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( ش ) : قَوْلُهُ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ يُرِيدُ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ لِصَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ مِنْ الْمَدِينَةِ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ وَهَذَا مَا بَيْنَ عُسْفَانَ وَقَدِيدٍ كَذَلِكَ قَالَ الْبُخَارِيُّ فَأَفْطَرَ بِهِ فَأَفْطَرَ النَّاسُ لِفِطْرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِيَتَقَوَّوْا لِعَدُوِّهِمْ , وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مَنْصُوصًا عَلَيْهِ وَلَعَلَّهُ لِذَلِكَ أَخَّرَ الْفِطْرَ إِلَى الْكَدِيدِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِي أَنَّ صِيَامَ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ يَصِحُّ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ فَإِنَّهُ قَالَ لَا يَصِحُّ وَلَا يُجْزِئُ عَنْهُ , وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قوله تعالى فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْ الآيَةِ أَنَّهُ قَالَ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. ( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ صِحَّةُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْفِطْرِ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ , وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ الْفِطْرُ أَفْضَلُ , وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قوله تعالى وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الصَّوْمَ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ فَالْمُبَادَرَةُ إِلَى إبْرَائِهَا أَوْلَى لِمَا رُبَّمَا طَرَأَ مِنْ الْمَوَانِعِ وَالْأَشْغَالِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ أَنَّ الذِّمَّةَ تَبْرَأُ بِمَا يُؤْتَى بِهِ مِنْ الْقَصْرِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا الذِّمَّةُ مُشْتَغِلَةٌ بِالصَّوْمِ. ( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ فِي السَّفَرِ مَا دَامَ يُبَاحُ لَهُ الْقَصْرُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ فِيمَنْ قَدِمَ فِي أَضْعَافِ سَفَرِهِ إِلَى بَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِهِ فَلَهُ الْفِطْرُ حَتَّى يَعْزِمَ عَلَى مُقَامِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَيَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حُكْمٌ تَخْتَصُّ إبَاحَتُهُ بِالسَّفَرِ فَأَشْبَهَ الْقَصْرَ.