موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (598)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (598)]

‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏يَحْيَى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِهَابٍ ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏وَحَفْصَةَ ‏ ‏زَوْجَيْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَصْبَحَتَا صَائِمَتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ فَأُهْدِيَ لَهُمَا طَعَامٌ فَأَفْطَرَتَا عَلَيْهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَتْ ‏ ‏عَائِشَةُ ‏ ‏فَقَالَتْ ‏ ‏حَفْصَةُ ‏ ‏وَبَدَرَتْنِي بِالْكَلَامِ وَكَانَتْ بِنْتَ أَبِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصْبَحْتُ أَنَا ‏ ‏وَعَائِشَةُ ‏ ‏صَائِمَتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ فَأُهْدِيَ إِلَيْنَا طَعَامٌ فَأَفْطَرْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏اقْضِيَا مَكَانَهُ يَوْمًا آخَرَ ‏


( ش ) : قَوْلُهُ أَصْبَحَتَا صَائِمَتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي يَوْمٍ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِإِذْنِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا عَلِمَتْ أَنَّ زَوْجَهَا لَا حَاجَةَ لَهُ بِهَا فِي الْغَالِبِ نَهَارًا جَازَ لَهَا أَنْ تَصُومَ دُونَ إذْنِهِ فَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهَا لَمْ تَصُمْ إِلَّا بِإِذْنِهِ , وَكَذَلِكَ السُّرِّيَّةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ فَلَيْسَ لَهَا الْمَنْعُ مِنْهُ بِالنَّوَافِلِ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَمِمَّا يُعْلَمُ بِهِ أَنْ لَا حَاجَةَ لَهُمَا بِذَلِكَ يَكُونُ غَائِبًا أَوْ مُسِنًّا لَا يَنْبَسِطُ فَهَذَا لَا حَقَّ لَهُ فِي الْإِذْنِ , وَكَذَلِكَ خَادِمُ الْخِدْمَةِ بِخِلَافِ السُّرِّيَّةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى إذْنِهِ فِي صَوْمِهِمَا مِنْ جِهَةِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهِمَا إِلَّا أَنْ يَضْعُفَ عَنْ الْخِدْمَةِ بِالصَّوْمِ فَيَكُونَ كَالْعَبْدِ لَا يَأْتِي مِنْ الصَّوْمِ مَا يَضْعُفُ بِهِ عَنْ الْخِدْمَةِ إِلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ ; لِأَنَّ الْخِدْمَةَ أَيْضًا مِنْ حُقُوقِ السَّيِّدِ فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُبْعِدَ حَقَّهُ مِنْهَا , وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي صِيَامِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ , وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِهِ فَقِيلَ لَا بَأْسَ بِهِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَبِهَذَا أَقُولُ. ‏ ‏( فَرْعٌ ) وَهَذَا فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَفِيمَا تُدْخِلُهُ الزَّوْجَةُ عَلَى نَفْسِهَا فَأَمَّا قَضَاءُ رَمَضَانَ فَلَا إذْنَ لِأَحَدٍ فِيهِ عَلَى زَوْجَةٍ وَلَا عَبْدٍ , وَإِنْ أَضْعَفَهُ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ. وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ صَوْمٌ لَزِمَهُ بِالشَّرْعِ كَصَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ. ‏ ‏( فَرْعٌ ) وَمَنْ صَامَ مِنْهُمْ بِإِذْنٍ أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ الْفِطْرُ حَتَّى يُتِمَّ صَوْمَهُ ; لِأَنَّهُ صَوْمٌ قَدْ لَزِمَهُ بِالدُّخُولِ فِيهِ وَهَلْ لِلزَّوْجِ أَوْ لِلسَّيِّدِ جَبْرُهُنَّ عَلَى الْفِطْرِ مَعَ الْإِذْنِ وَالْمَعْرِفَةِ بِالْحَاجَةِ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِالصَّوْمِ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَأُهْدِيَ لَهُمَا طَعَامٌ فَأَفْطَرَتَا عَلَيْهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ إِلَيْهِ أَوْ النِّسْيَانِ لِصَوْمِهِمَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِاعْتِقَادِ جَوَازِ ذَلِكَ , ثُمَّ شَكَّتَا فِيهِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ فِطْرِ التَّطَوُّعِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُفْطِرُ كَمَا شَاءَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قوله تعالى أَوْفُوا بِالْعُقُودِ , وَهَذَا قَدْ عَقَدَ الصَّوْمَ فَوَجَبَ أَنْ يَفِيَ بِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ قَوْلُهُ لِلْأَعْرَابِيِّ الَّذِي سَأَلَهُ عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الصَّوْمِ فَقَالَ لَهُ شَهْرُ رَمَضَانَ فَقَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ , وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّعَ بِهِ. وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا صَوْمٌ فَلَمْ يَجُزْ فِيهِ الْفِطْرُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِهِ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ دُخُولُهُ عَلَيْهِمَا بِأَنْ كَانَ الْيَوْمُ لِغَيْرِهِمَا ; لِأَنَّهُمَا كَانَتَا فِي بَيْتِ الَّتِي كَانَ يَوْمُهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِإِذْنِهَا وَيَحْتَمِلُ بِأَنْ يَكُونَ الْيَوْمُ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَصَامَتْ بِإِذْنِهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ عَائِشَةَ فَقَالَتْ حَفْصَةُ وَبَدَرَتْنِي بِالْكَلَامِ وَكَانَتْ ابْنَةَ أَبِيهَا تُرِيدُ أَنَّهَا كَانَتْ جَرِيئَةً عَلَى الْكَلَامِ وَجَلْدَةً فِي سُؤَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهَا مُبَادَرَةٌ إِلَى الْكَلَامِ وَإِرَادَةٌ أَنْ تَتَوَلَّاهُ وَقَوْلُ حَفْصَةَ أَنِّي أَصْبَحَتْ أَنَا وَعَائِشَةُ صَائِمَتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ إِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَذِنَ لَهُمَا فِي الصَّوْمِ وَلَمْ يُعْلِمْهُمَا هَلْ هُوَ تَطَوُّعٌ أَوْ غَيْرُهُ فَأَعْلَمَتْهُ عِنْدَ سُؤَالِهَا بِأَنَّهُ تَطَوُّعٌ لِئَلَّا يَكُونَ حُكْمُهُ حُكْمَ غَيْرِهِ مِنْ الصِّيَامِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ بِأَنَّ صَوْمَهُمَا تَطَوُّعٌ فَأَرَادَتَا إذْكَارَهُ وَقَوْلُهُمَا فَإِنَّهُ أُهْدِيَ لَنَا طَعَامٌ فَأَفْطَرْنَا عَلَيْهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ مِنْ ضَرُورَتِهِمَا وَحَالِهِمَا مَا أَغْنَاهُمَا عَنْ أَنْ تُخْبِرَاهُ أَنَّ فِطْرَهُمَا وَقَعَ لِضَرُورَةٍ وَعَلِمَتَا عِلْمَهُ بِذَلِكَ وَتَفَهُّمَهُ بِهِ فَلَمْ تَذْكُرْهُ فِي سُؤَالِهَا , وَهَذَا أَظْهَرُ ; لِأَنَّ نِسْيَانَهُمَا الصَّوْمَ لَا يَعْرِفُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَذَلِكَ اعْتِقَادُهُمَا أَنَّ نَفْلَ الصَّوْمِ لَا يَلْزَمُ إتْمَامُهُ وَأَحْكَامُ النِّسْيَانِ وَالْعَمْدِ يُخْتَلَفُ فِي الصَّوْمِ وَغَيْرِهِ وَفِي هَذَا الصَّوْمِ نَفْسِهِ يَخْتَلِفُ ; لِأَنَّ النِّسْيَانَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْكَرَاهِيَةُ وَالْعَمْدُ مَكْرُوهٌ أَوْ مُحَرَّمٌ وَعَائِشَةُ وَحَفْصَةُ مِنْ أَفْقَهِ الصَّحَابَةِ وَمِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا لَمْ يَتْرُكَا ذِكْرَ عِلَّةِ الْفِطْرِ فِي سُؤَالِهِمَا إِلَّا ; لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَخْفَى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَالِهِمَا وَهِيَ الضَّرُورَةُ إِلَى الطَّعَامِ فَإِنْ قِيلَ لَا يَصِحُّ هَذَا عَلَى أَصْلِكُمْ ; لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ اقْضِيَا يَوْمًا مَكَانَهُ وَالْمُضْطَرُّ إِلَى النَّفْلِ فِي النَّفْلِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ عِنْدَكُمْ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَأْمُرَهُمَا بِذَلِكَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُمَا عَلَى الْوُجُوبِ وَلَمْ يَكُنْ فِطْرُهُمَا لِضَرُورَةٍ , وَإِنَّمَا كَانَ لِلْحَاجَةِ إِلَى الطَّعَامِ مَعَ اعْتِقَادِهِمَا أَنَّ ذَلِكَ يُتِيحُ الْفِطْرَ وَيَمْنَعُ الْقَضَاءَ فَلَمَّا أَمَرَهُمَا بِالْقَضَاءِ تَضْمَنَّ ذَلِكَ الْمَنْعَ مِنْ الْفِطْرِ لِمِثْلِ هَذَا الْعُذْرِ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْضِيَا مَكَانَهُ يَوْمًا آخَرَ ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ وَيَحْتَمِلُ النَّدْبَ بِدَلِيلٍ , وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي قَضَاءِ التَّطَوُّعِ فَقَالَ مَالِكٌ رَحِمهُ اللَّهُ مَنْ أَفْطَرَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ مُخْتَارًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إِلَّا وَإِنْ أَفْطَرَ لِضَرُورَةٍ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ , وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ , وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ إِلَّا النَّاسِيَ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فَدَلِيلُنَا عَلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ فِي الْعُمْرِ أَنَّ هَذِهِ عِبَادَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا فَكَانَ الْقَضَاءُ عَلَى مَنْ أَفْسَدَ نَفْلَهَا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ كَالْحَجِّ. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!