المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (604)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (604)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ
( ش ) : قَوْلُهُ إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ قَالَ الْفَرَّاءُ جَمْعُ رَمَضَانَ رَمَاضِينُ , وَقَالَ أَكْرَه جَمْعَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَثَرِ لَا تَقُولُوا رَمَضَانُ وَقُولُوا شَهْرُ رَمَضَانَ , وَقَالَ الْمُطَّرِّزِيُّ يُقَالُ شَهْرُ رَمَضَانَ وَرَمَضَانُ بِلَا شَهْرٍ وَالْأَثَرُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْفَرَّاءُ لَا أَصْلَ لَهُ فَلَا مَعْنَى لِلتَّعَلُّقِ بِهِ وَحَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ دُونَ ذِكْرِ الشَّهْرِ صَحِيحٌ ثَابِتٌ فَعَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يُعْتَمَدَ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النِّيرَانِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَيَكُونَ ذَلِكَ عَلَامَةً عَلَى بَرَكَةِ الشَّهْرِ وَمَا يُرْجَى لِلْعَامِلِ فِيهِ مِنْ الْخَيْرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِفَتْحِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ كَثْرَةَ الثَّوَابِ عَلَى صِيَامِ الشَّهْرِ وَقِيَامِهِ وَأَنَّ الْعَمَلَ فِيهِ يُؤَدِّي إِلَى الْجَنَّةِ كَمَا يُقَالُ عِنْدَ مُلَاقَاةِ الْعَدُوِّ قَدْ فُتِّحَتْ لَكُمْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ قَدْ أَمْكَنَكُمْ فِعْلٌ تَدْخُلُونَهَا بِهِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ بِمَعْنَى كَثْرَةِ الْغُفْرَانِ وَالتَّجَاوُزِ عَنْ الذُّنُوبِ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا تُصَفَّدُ حَقِيقَةً فَتَمْتَنِعُ مِنْ بَعْضِ الْأَفْعَالِ الَّتِي لَا تُطِيقُهَا إِلَّا مَعَ الِانْطِلَاقِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى امْتِنَاعِ تَصَرُّفِهَا جُمْلَةً ; لِأَنَّ الْمُصَفَّدَ هُوَ الْمَغْلُولُ الْيَدِ إِلَى الْعُنُقِ يَتَصَرَّفُ بِالْكَلَامِ وَالرَّأْيِ وَكَثِيرٍ مِنْ السَّعْيِ وَيَحْتَمِلُ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي أَنَّ هَذَا الشَّهْرَ لِبَرَكَتِهِ وَثَوَابِ الْأَعْمَالِ فِيهِ وَغُفْرَانِ الذُّنُوبِ تَكُونُ الشَّيَاطِينُ فِيهِ كَالْمُصَفَّدَةِ ; لِأَنَّ سَعْيَهَا لَا يُؤَثِّرُ وَإِغْوَاءَهَا لَا يَضُرُّ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي تَفَضَّلَ عَلَى عِبَادِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ صِنْفًا مِنْ الشَّيَاطِينِ يُمْنَعُونَ التَّصَرُّفَ جُمْلَةً , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.