المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (608)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (608)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ زِيَاد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِك عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اعْتَكَفَ فَكَانَ يَذْهَبُ لِحَاجَتِهِ تَحْتَ سَقِيفَةٍ فِي حُجْرَةٍ مُغْلَقَةٍ فِي دَارِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ حَتَّى يَشْهَدَ الْعِيدَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ
( ش ) : قَوْلُهُ كَانَ يَذْهَبُ لِحَاجَتِهِ تَحْتَ سَقِيفَةٍ فِي حُجْرَةٍ مُغْلَقَةٍ فِي دَارِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ يُرِيدُ أَنَّهَا كَانَتْ غَيْرَ مَنْزِلِهِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ حَاجَتِهِ فِي غَيْرِ دَارِهِ ; لِأَنَّ فِي رُجُوعِهِ إِلَى دَارِهِ وَدُخُولِهِ إِلَيْهِ ذَرِيعَةً إِلَى الِاشْتِغَالِ بِبَعْضِ مَا يَظْهَرُ إِلَيْهِ فِيهِ وَيَرَاهُ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ فِي الْمَدَنِيَّةِ لَا يَدْخُلُ بَيْتَهُ وَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ لِشَيْءٍ وَلَا يَتَوَضَّأُ إِلَّا فِي غَيْرِهِ وَلَيْسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَغَيْرِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ يُمَكِّنُهُ إِلَى مَوْضِعِ مُعْتَكَفِهِ قَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّمَا يَقْصِدُ إِلَى أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إِلَيْهِ , وَإِنْ كَانَ مَنْزِلُهُ لَمْ يَتَعَدَّهُ إِلَى غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ , ثُمَّ لَا يَرْجِعُ حَتَّى يَشْهَدَ الْعِيدَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يُقِيمُ فِي مُعْتَكَفِهِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ حَتَّى يَغْدُوَ مِنْ مُعْتَكَفِهِ إِلَى صَلَاةِ الْعِيدِ , ثُمَّ لَا يَرْجِعُ إِلَى دَارِهِ بَعْدَ أَنْ يَشْهَدَ الْعِيدَ وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ يَخْرُجُ مِنْ مُعْتَكَفِهِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ وَرَوَاهُ عَنْهُ سَحْنُونٌ. ( فَرْعٌ ) فَإِذَا قُلْنَا بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَفَعَلَ ذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ أَوْ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ , وَقَالَ سَحْنُونٌ هُوَ عَلَى الْوُجُوبِ , وَإِنْ خَرَجَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ , وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْعِبَادَتَيْنِ يَصِحُّ إفْرَادُهَا فَلَمْ تَكُنْ إحْدَاهُمَا مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْأُخْرَى كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَلِذَلِكَ جَازَ الِاعْتِكَافُ فِي زَمَنٍ لَا يَتَّصِلُ بِلَيْلَةِ الْفِطْرِ وَلَوْ كَانَ الْمُقَامُ لَيْلَةَ الْفِطْرِ بِالْمُعْتَكَفِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ. وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّ كُلَّ عِبَادَتَيْنِ جَرَى عُرْفُ الشَّرْعِ بِاتِّصَالِهِمَا فَإِنَّ اتِّصَالَهُمَا عَلَى الْوُجُوبِ كَالطَّوَافِ وَرَكْعَتَيْهِ.