المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (622)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (622)]
و حَدَّثَنِي مَالِك عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا دَنَا مِنْ مَكَّةَ بَاتَ بِذِي طُوًى بَيْنَ الثَّنِيَّتَيْنِ حَتَّى يُصْبِحَ ثُمَّ يُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ يَدْخُلُ مِنْ الثَّنِيَّةِ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ وَلَا يَدْخُلُ إِذَا خَرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا حَتَّى يَغْتَسِلَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ إِذَا دَنَا مِنْ مَكَّةَ بِذِي طُوًى وَيَأْمُرُ مَنْ مَعَهُ فَيَغْتَسِلُونَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلُوا
( ش ) : قَوْلُهُ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَبِيتُ بِذِي طُوًى وَهُوَ رَبَضٌ مِنْ أَرْبَاضِ مَكَّةَ حُكْمُهُ حُكْمُهَا حَتَّى يُصْبِحَ فَيُصَلِّي الصُّبْحَ , ثُمَّ يَدْخُلَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَاظَبَ عَلَى هَذَا لِمَا رَأَى مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ ; لِأَنَّ الدُّخُولَ فِي آخِرِ النَّهَارِ فِيهِ مَشَقَّةٌ ; لِأَنَّهُ يَضِيقُ مَا بَقِيَ مِنْ آخِرِهِ عَنْ قَضَاءِ مَا يَلْزَمُ الْوَارِدَ فِي قُدُومِهِ وَمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَحْوَالِ نَفْسِهِ فَكَيْفَ بِمَا يَنْضَافُ إِلَى ذَلِكَ بَلْ يُقْدِمُ عَلَيْهِ مَنْ قَصَدَ بِهِ الْبَيْتَ وَالطَّوَافَ وَالرُّكُوعَ وَالسَّعْيَ وَرُبَّمَا تَرَكَ رَاحِلَتَهُ وَرَحْلَهُ وَرُبَّمَا تَرَكَ ذَلِكَ لِغَيْرِ حَافِظٍ , وَالْأَمْرُ فِي اللَّيْلِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي النَّهَارِ فَآثَرَ الْمَبِيتَ بِذِي طُوًى لِمَنْ يَقْدُمُ آخِرَ النَّهَارِ وَقَدِمَ لَيْلًا حَتَّى يَدْخُلَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ فَيَتَمَكَّنَ مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَتَرَكَ رَاحِلَتَهُ بَيْنَ الْوَارِدِ وَالصَّادِرِ فَلَا يَنْفَرِدُ بِهَا مَنْ يُرِيدُ اغْتِيَالَهُ فِيهَا وَلَمْ يَنْفَسِحْ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ , ثُمَّ يَدْخُلُ مِنْ الثَّنِيَّةِ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ وَهِيَ كَدَاءٌ بِفَتْحِ الْكَافِ وَاَلَّتِي بِأَسْفَلِ مَكَّةَ كُدًى بِضَمِّ الْكَافِ وَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كَدَاءٍ بِأَعْلَى مَكَّةَ ; وَلِذَلِكَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَدْخُلُ مِنْهَا. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَلَا يَدْخُلُ إِذَا خَرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا حَتَّى يَغْتَسِلَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ إِذَا دَنَا مِنْ مَكَّةَ بِذِي طُوًى عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الِاغْتِسَالَ لِدُخُولِ مَكَّةَ مَشْرُوعٌ فَمَنْ أَتَاهَا مِنْ جِهَةِ ذِي طُوًى اغْتَسَلَ بِهَا وَمَنْ أَتَاهَا مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْجِهَةِ اغْتَسَلَ بِقُرْبِهَا وَفِي أَوَّلِ أَرْبَاضِهَا وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ الْغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ بِذِي طُوًى يُرِيدُ مَنْ جَاءَ مِنْ جِهَتِهَا قِيلَ : لَهُ فَمَرُّ الظَّهْرَانِ قَالَ الَّذِي سَمِعْت بِقُرْبِ مَكَّةَ , وَإِنَّمَا ذَلِكَ ; لِأَنَّ مِنْ سُنَّةِ الْوَارِدِ أَنْ يَتَّصِلَ طَوَافُهُ بِدُخُولِهِ فَلِذَلِكَ قَدَّمَ غُسْلَهُ لِئَلَّا يَفْصِلَ بَيْنَ الدُّخُولِ وَالطَّوَافِ بِطَلَبِ الْمَاءِ وَالِاغْتِسَالِ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ اغْتَسَلَ بَعْدَ دُخُولِ مَكَّةَ فَوَاسِعٌ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يَتَعَذَّرُ وَتَلْحَقُ الْمَشَقَّةُ بِمُرَاعَاتِهِ وَالِاسْتِعْدَادِ لَهُ مَعَ شُغْلِ الْوَارِدِ وَمُؤْنَةِ السَّفَرِ.