المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (627)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (627)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا كَانَتْ تَلْبَسُ الثِّيَابَ الْمُعَصْفَرَاتِ الْمُشَبَّعَاتِ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ لَيْسَ فِيهَا زَعْفَرَانٌ
( ش ) قَوْلُهُ كَانَتْ تَلْبَسُ الثِّيَابَ الْمُعَصْفَرَاتِ الْمُشَبَّعَاتِ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ يَدُلُّ عَلَى اسْتِبَاحَتِهَا لَهَا وَلَعَلَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْدَمِ الَّذِي لَا يَنْتَفِضُ عَلَى الْجَسَدِ مِنْهُ شَيْءٌ وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُعَصْفَرِ الْمُفْدَمِ لَا بَأْسَ أَنْ تَلْبَسَهُ الْمُحْرِمَةُ مَا لَمْ يَنْتَفِضْ مِنْهُ عَلَيْهَا شَيْءٌ ; لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَنْتَفِضْ مِنْهُ شَيْءٌ فَقَدْ ذَهَبَتْ بَهْجَتُهُ وَمُشَابَهَتُهُ الْمَصْبُوغَةَ بِالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ وَأَمَّا الْمُحْرِمُ فَلَا يَلْبَسُ الْمُفْدَمَ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِضْ مِنْهُ شَيْءٌ فَكَانَتْ أَسْمَاءُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ الْمُفْدَمَ ; لِأَنَّهُ مُبَاحٌ كَمَا لَبِسَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَصْبُوغَ بِالْمَدَرِ وَلَوْ تَرَكَتْ لُبْسَهُ كَانَ أَفْضَلَ فَإِنَّهَا كَانَتْ قُدْوَةً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ , وَلَعَلَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْهُ لَوْ رَآهَا تَلْبَسُهُ لَأَنْكَرَهُ عَلَيْهَا مِثْلُ مَا أَنْكَرَ عَلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ لِبَاسَ الْمَصْبُوغِ بِالْمَدَرِ وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ كَرِهَ لِبَاسَ الْمُعَصْفَرِ , وَإِنْ كَانَ لَا يَنْتَفِضُ لِمَنْ لَا يُقْتَدَى بِهِ وَبِقَوْلِنَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّهُ كَرِهَ الْمُعَصْفَرَ الْمُفْدَمَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ مُبَاحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا صَبْغٌ لَهُ رَدْغٌ عَلَى الْجَسَدِ يَحْصُلُ الِاسْتِمْتَاعُ مِنْهُ بِالزِّينَةِ وَالرَّائِحَةِ فَكَانَ الْمُحْرِمُ مَمْنُوعًا مِنْ لُبْسِهِ كَالْمَصْبُوغِ بِالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ( فَرْعٌ ) فَإِنْ لَبِسَهُ فَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ رَحِمهُ اللَّهُ وَمَا يَحْتَجُّ بِهِ أَصْحَابُهُ الْعِرَاقِيُّونَ أَنَّ الْفِدْيَةَ تَجِبُ عَلَيْهِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ : إِنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يُوجِبُ بِهِ الْفِدْيَةَ وَيَجْعَلُهُ مُقَارِنًا لِلطِّيبِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا فِدْيَةَ فِيهِ وَجْهُ مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ لَوْنٌ مَمْنُوعٌ مِنْهُ لِحُرْمَةِ الْإِحْرَامِ مِنْهُ مَا يَنْتَفِضُ عَلَى جَسَدِهِ فَإِنْ كَانَ زِينَةً وَيَسْتَمْتِعُ بِرَائِحَتِهِ كَانَتْ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ كَالزَّعْفَرَانِ , وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ فِي نَفْسِهِ , وَإِنَّمَا يُكْرَهُ لِشِبْهِهِ بِالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ فَلَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِلُبْسِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ أَلْوَانِ الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.