المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (637)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (637)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَجَدَ رِيحَ طِيبٍ وَهُوَ بِالشَّجَرَةِ فَقَالَ مِمَّنْ رِيحُ هَذَا الطِّيبِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ مِنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ مِنْكَ لَعَمْرُ اللَّهِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ إِنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ طَيَّبَتْنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عُمَرُ عَزَمْتُ عَلَيْكَ لَتَرْجِعَنَّ فَلْتَغْسِلَنَّهُ
( ش ) قَوْلُهُ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَجَدَ رِيحَ طِيبٍ وَهُوَ بِالشَّجَرَةِ فَقَالَ مِمَّنْ رِيحُ هَذَا الطِّيبِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ؟ ; لِأَنَّهُ كَانَ فِي رَكْبِ مُحْرِمِينَ وَالشَّجَرَةُ مَوْضِعٌ بِطَرِيقِ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَأَنْكَرَ رِيحَ الطِّيبِ فِيهِ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ مِنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , وَذَلِكَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِمَّا يُنْكَرُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إِلَّا لِمَنْ ابْتَدَأَهُ فِيهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ مِنْك لَعَمْرُ اللَّهِ ! عَلَى مَعْنَى الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ إِنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ طَيَّبَتْنِي لِيُعْلِمَهُ أَنَّ التَّطَيُّبَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَلِعِلْمِهِ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ مَعَ عِلْمِهَا وَمَعْرِفَتِهَا بِأَحْوَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَفْعَالِهِ لِمَحَلِّهَا مِنْهُ قَدْ وَافَقَتْهُ عَلَى هَذَا الرَّأْيِ فَقَالَ لَهُ عَزَمْت عَلَيْك لَتَرْجِعَنَّ فَلَتَغْسِلَنَّهُ فَمَنَعَهُ بِذَلِكَ مِنْ اسْتِدَامَةِ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرَ فِيهِ رَأْيَهُ وَلَا رَأْيَ أُمِّ حَبِيبَةَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ تَوْقِيفٌ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عِلْمٌ مِنْ أَيْنَ قَالَتْهُ أُمُّ حَبِيبَةَ فَلَمْ يَرْضَ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلَهَا وَلَا صَحَّ عِنْدَهُ وَجْهُ اسْتِدْلَالِهَا وَلَعَلَّهَا فَعَلَتْ ذَلِكَ بِمِثْلِ خَبَرِ عَائِشَةَ كُنْت أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ فَمَنَعَ مُعَاوِيَةَ مِنْ التَّعَلُّقِ بِفِعْلِهَا وَالْأَخْذِ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِهَا , وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَإِنْ كَانَ مُعَاوِيَةُ وَأُمُّ حَبِيبَةَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالِاجْتِهَادِ , وَالْمَسْأَلَةُ مَسْأَلَةُ اجْتِهَادٍ وَلَمْ يُنْقَلْ فِي ذَلِكَ نَصٌّ يَرُدُّ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ ; لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ الَّذِي يَخْتَارُ لِلنَّاسِ وَيُلْزِمُهُمْ الرُّجُوعَ إِلَى اجْتِهَادِهِ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ النَّاسَ بِمَا يَرَاهُ الصَّوَابَ فِيمَا ظَهَرَ إِلَيْهِ مِنْ أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ.