المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (638)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (638)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ الصَّلْتِ بْنِ زُيَيْدٍ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَجَدَ رِيحَ طِيبٍ وَهُوَ بِالشَّجَرَةِ وَإِلَى جَنْبِهِ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ فَقَالَ عُمَرُ مِمَّنْ رِيحُ هَذَا الطِّيبِ فَقَالَ كَثِيرٌ مِنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَبَّدْتُ رَأْسِي وَأَرَدْتُ أَنْ لَا أَحْلِقَ فَقَالَ عُمَرُ فَاذْهَبْ إِلَى شَرَبَةٍ فَادْلُكْ رَأْسَكَ حَتَّى تُنْقِيَهُ فَفَعَلَ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ مَالِك الشَّرَبَةُ حَفِيرٌ تَكُونُ عِنْدَ أَصْلِ النَّخْلَةِ
( ش ) : يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا جَرَى لِعُمَرَ مَعَ مُعَاوِيَةَ وَكَثِيرٍ فِي سَفَرَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّ الشَّجَرَةَ مَوْضِعٌ يَقْرُبُ مِنْ الْمِيقَاتِ فَمَنْ جَوَّزَ التَّطَيُّبَ لِمَنْ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ صَحِبَهُ رِيحُ الطِّيبِ إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِفَرْطِ تَفَقُّدِهِ لِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَاهْتِبَالِهِ بِأَدْيَانِهِمْ وَمُرَاعَاتِهِ لَهَا كَانَ يَتَفَقَّدُ هَذَا الْمَعْنَى مِنْهُمْ فِي جَمِيعِ أَسْفَارِهِ لِعِلْمِهِ بِمُخَالَفَةِ مَنْ يُخَالِفُهُ فِي ذَلِكَ وَيُوَاظِبُ عَلَى حَمْلِهِمْ عَلَى مَا هُوَ الْأَفْضَلُ عِنْدَهُ وَالْأَصْوَبُ لَهُ , وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ كَثِيرٍ لَبَّدْت رَأْسِي وَأَرَدْت أَنْ أَحْلِقَ , التَّلْبِيدُ : أَنْ يُضَفِّرَ رَأْسَهُ بِصَمْغٍ وَغَاسُولٍ يَلْصَقُ فَيَقْتُلُ قَمْلَهُ وَلَا يَتَشَعَّثُ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَغَيْرُهُ وَكَانَ كَثِيرٌ جَعَلَ فِيمَا لَبَّدَ بِهِ رَأْسَهُ طِيبًا وَكَثِيرًا مَا يَسْتَعْمِلُهُ كَذَلِكَ مَنْ لَا يُرِيدُ الْإِحْرَامَ وَكَانَ كَثِيرٌ لَمَّا أَرَادَ الْحِلَاقَ لَبَّدَ بِمَا فِيهِ طِيبٌ ; لِأَنَّ التَّلْبِيدَ يَلْزَمُ الْحِلَاقَ فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى شَرَبَةٍ وَهِيَ مُسْتَنْقَعُ الْمَاءِ عِنْدَ أَصْلِ النَّخْلَةِ فَيَغْسِلُ بِهَا رَأْسَهُ حَتَّى يُزِيلَ عَنْهُ الطِّيبَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ فِدْيَةٌ بِغُسْلِ الطِّيبِ ; لِأَنَّ الْفِدْيَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِإِتْلَافِ الطِّيبِ حَالَ الْإِحْرَامِ وَهَذَا أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الْكَثْرَةِ بِحَيْثُ بَقِيَ مِنْهُ مَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِإِتْلَافِهِ أَوْ لَمْسِهِ فَتَجِبُ بِذَلِكَ الْفِدْيَةُ.