المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (645)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (645)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ بَيْدَاؤُكُمْ هَذِهِ الَّتِي تَكْذِبُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ يَعْنِي مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ
( ش ) : قَوْلُهُ بَيْدَاؤُكُمْ هَذِهِ الَّتِي تَكْذِبُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا يَعْنِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَّرَ الْإِحْرَامَ وَالْإِهْلَالَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَيْهَا وَذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ وَنَحْنُ مَعَهُ الظُّهْرَ أَرْبَعًا بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ بَاتَ فِيهَا حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ حَمِدَ اللَّهَ وَسَبَّحَ وَكَبَّرَ ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَأَنْكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَوَصَفَهَا بِالْكَذِبِ ; لِأَنَّ الْكَذِبَ الْإِخْبَارُ بِالشَّيْءِ عَلَى مَا لَيْسَ بِهِ , قَصَدَ بِذَلِكَ الْمُخْبِرُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ غَيْرُ هَذَا وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَهَلَّ بِإِثْرِ السَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ فَحُفِظَ ذَلِكَ عَنْهُ , ثُمَّ وَرَدَ قَوْمٌ فَوَجَدُوهُ يُهِلُّ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ فَحَفِظُوا ذَلِكَ عَنْهُ , وَقَالَ أَهَلَّ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ , وَأَصَحُّ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ مَا وَافَقَ رِوَايَةَ بْنِ عُمَرَ فَإِنَّ رِوَايَتَهُ لَمْ تَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ وَفِي الْمَدَنِيَّةِ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ أَنْكَرَ مَالِكٌ الْإِحْرَامَ مِنْ الْبَيْدَاءِ وَقَالَ مَا الْبَيْدَاءُ وَهَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ يُسَوِّغُ لَنَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَيَلْزَمُنَا الْجَوَابُ عَنْهُ إِذَا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَيْنَا أَبُو حَنِيفَةَ فَنَقُولُ : إِنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ أَوْلَى ; لِأَنَّهُ أَحْفَظُ النَّاسِ لِلْمَنَاسِكِ وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ صَغِيرٌ وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ اخْتَلَفَتْ رِوَايَتُهُ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَلَمْ تَخْتَلِفْ رِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ , وَوَجْهٌ ثَالِثٌ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ صَحِيحٌ لَا يُخْتَلَفُ فِي صِحَّتِهِ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَقَ عَنْ خُصَيْفٍ وَلَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ عِنْدِ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ أَفْضَلُ مَوَاضِعِ ذِي الْحُلَيْفَةِ لِلِاقْتِدَاءِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّبَرُّكِ بِمَوْضِعِ إحْرَامِهِ وَمَنْ أَحْرَمَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ أَجْزَأَهُ ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَعَ عِظَمِ الرِّفَاقِ وَكَثْرَةِ الْبَشَرِ وَتَزَاحُمِ النَّاسِ وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْجُحْفَةِ أَيُحْرِمُ الْمَرْءُ مِنْ أَوَّلِ الْوَادِي أَوْ أَوْسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ فَقَالَ : هُوَ مُهَلٌّ كُلُّهُ قَالَ وَسَائِرُ الْمَوَاقِيتِ كَذَلِكَ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَوَّلِ الْوَادِي حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَالْمَوَاقِيتُ عَلَى ضَرْبَيْنِ : مِيقَاتٌ أَحْرَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ وَمِيقَاتٌ لَمْ يُحْرِمْ مِنْهُ فَأَفْضَلُهُ مَوْضِعُ إحْرَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.