المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (649)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (649)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَّلَ بِالْحَجِّ وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَحَلَّ وَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَلَمْ يُحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ
( ش ) : قَوْلُهَا خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُوَ عَامُ عَشْرَةٍ مِنْ الْهِجْرَةِ وَلَمْ يَحُجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ غَيْرَ هَذِهِ الْحَجَّةِ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ بِالنَّاسِ عَامَ تِسْعَةٍ وَحَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ عَامَ عَشْرَةٍ , وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ حَجَّةَ الْوَدَاعِ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَظَهُمْ فِيهَا وَوَدَّعَهُمْ فَسُمِّيَتْ حَجَّةَ الْوَدَاعِ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهَا فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ , وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ تُرِيدُ أَنَّ مَنْ نَسَكَ مِنْهُمْ كَانَ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَضْرُبِ وَلَا يَصِحُّ نُسُكٌ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ كُلُّهَا مَشْرُوعَةٌ جَائِزَةٌ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّ عَلَيْهَا وَفِي قَوْلِهَا بَعْدَ هَذَا التَّقْسِيمِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ بِالْحَجِّ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ أَفْرَدَ الْحَجَّ لَا أَنَّهَا قَدْ نَفَتْ عَنْهُ الصِّفَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ وَجَعَلَتْهُ مِمَّنْ كَانَ نُسُكُهُ الْحَجَّ , وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي حَجِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّهُ أَفْرَدَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ : إنَّهُ قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَتَمَتَّعَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَاخْتَلَفُوا عَلَى حَسْبِ ذَلِكَ فِي الْأَفْضَلِ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَعَائِشَةُ أَقْعَدُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْلَمُهُمْ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ تَقَصَّتْ أَصْنَافَ النُّسُكِ وَقَسَّمَتْهُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ : قِسْمٌ قَرَنَ الْحَجَّ بِالْعُمْرَةِ وَقِسْمٌ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي إفْرَادَهُ لَهَا وَإِلَّا كَانَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قِسْمُ الْقِرَانِ وَقِسْمٌ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَذَلِكَ يَقْتَضِي إفْرَادَهُ لَهُ وَإِلَّا دَخَلَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَجَعَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَذَلِكَ يَقْتَضِي إفْرَادَهُ لَهُ وَقَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ مَا فَعَلَهُ مِنْ صِفَاتِ الْحَجِّ فَهُوَ الْأَفْضَلُ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهَا فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَحَلَّ تُرِيدُ بَعْدَ أَنْ طَافَ وَسَعَى بِمَكَّةَ وَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَلَمْ يُحِلَّ حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ وَهُوَ وَقْتُ كَمَالِ الْحَجِّ ; لِأَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ تَحَلُّلِ الْحَاجِّ يَوْمُ النَّحْرِ وَمَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَلَا يَنْفَعُهُ تَمَامُ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ فِي جَوَازِ تَحَلُّلِهِ مِنْ عُمْرَتِهِ ; لِأَنَّهُ لَمَّا قَرَنَ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ لَمْ يَصِحَّ تَحَلُّلُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا إِلَّا بِتَحَلُّلِهِ مِنْ الْآخَرِ ; لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ حُكْمُهُمَا حُكْمَ النُّسُكِ الْوَاحِدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.