المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (679)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (679)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ أَخِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَرْسَلَ إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَأَبَانُ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْحَاجِّ وَهُمَا مُحْرِمَانِ إِنِّي قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أُنْكِحَ طَلْحَةَ بْنَ عُمَرَ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَرَدْتُ أَنْ تَحْضُرَ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَبَانُ وَقَالَ سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْكِحِ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ وَلَا يَخْطُبُ
( ش ) : إِرْسَالُ عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ أَنْ يَحْضُرَ نِكَاحَ ابْنِهِ بِمَعْنَى إشْهَارِ النِّكَاحِ وَإِحْضَارِ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالدِّينِ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَحْضُرَهُ لِعِلْمِهِ بِمَا يُصَحِّحُ الْعَقْدَ مِمَّا يُفْسِدُهُ فَأَنْكَرَ أَبَانُ نِكَاحَهُمْ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ وَمَا دُعِيَ إِلَيْهِ مِنْ حُضُورِهِ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ وَلَا يَخْطُبُ وَهَذَا يَقْتَضِي مَنْعَ عَقْدِ النِّكَاحِ لِلْمُحْرِمِ وَيَقْتَضِي مَنْعَ الْمُحْرِمِ مِنْ عَقْدِهِ لِغَيْرِهِ وَإِذَا اقْتَضَى النَّهْيُ الْمَنْعَ مِنْ عَقْدِ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ اقْتَضَى فَسَادَهُ إِنْ عَقَدَ ; لِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَعْقِدُ الْمُحْرِمُ النِّكَاحَ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَرُوِيَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا احْتَجَّ بِهِ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ وَلَا يَخْطُبُ وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ مَعْنًى تَصِيرُ بِهِ الْمَرْأَةُ فِرَاشًا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَحْظُورًا عَلَى الْمُحْرِمِ كَوَطْءِ الْأَمَةِ , وَدَلِيلٌ آخَرُ أَنَّ هَذِهِ عِبَادَةٌ تَمْنَعُ الْوَطْءَ وَالطِّيبَ فَوَجَبَ أَنْ يُمْنَعَ عَقْدُ النِّكَاحِ كَالْعِدَّةِ.. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَلَا يَخْطُبُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ السِّفَارَةَ فِي النِّكَاحِ وَالسَّعْيَ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ إيرَادَ الْخُطْبَةِ حَالَ النِّكَاحِ , فَأَمَّا السَّعْيُ فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ فَإِنْ سَعَى فِيهِ وَتَنَاوَلَ الْعَقْدَ لِسِوَاهُ أَوْ سَعَى فِيهِ لِنَفْسِهِ وَأَكْمَلَ الْعَقْدَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا , وَعِنْدِي أَنَّهُ قَدْ أَسَاءَ وَالنِّكَاحُ لَا يُفْسَخُ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا إِذَا خَطَبَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَتَنَاوَلَ الْعَقْدَ غَيْرُهُ فَهُوَ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَمَنْ حَضَرَ الْعَقْدَ فَقَدْ أَسَاءَ رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.