المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (682)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (682)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَوْقَ رَأْسِهِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِلَحْيَيْ جَمَلٍ مَكَانٌ بِطَرِيقِ مَكَّةَ
( ش ) : قَوْلُهُ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَوْقَ رَأْسِهِ بَيَانٌ لِمَوْضِعِ الْحِجَامَةِ ; لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَوْضِعهَا وَهِيَ فِي الرَّأْسِ أَشَدُّ لِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ حَلْقِ شَعْرِ مَوْضِعِهَا وَرُبَّمَا قَتَلَ شَيْئًا مِنْ الدَّوَابِّ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مُبَاحٌ مَعَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَوْ شَيْئًا كَانَ لَهُ عَلَى قَدَمِهِ وَالْحِجَامَةُ تَكُونُ عَلَى ضَرْبَيْنِ : أَحَدِهِمَا يُحْلَقُ لَهُ شَعْرٌ إِذَا كَانَتْ فِي الرَّأْسِ أَوْ الْعُنُقِ أَوْ مَوْضِعٍ فِيهِ شَعْرٌ , وَضَرْبٍ لَا يَحْتَاجُ إِلَى حَلْقِ شَعْرٍ بِأَنْ يَكُونَ فِي ظَهْرِ قَدَمٍ أَوْ ظَهْرٍ أَوْ مَوْضِعٍ لَا شَعْرَ فِيهِ فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ بِمَوْضِعٍ فِيهِ شَعْرٌ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى بِحَلْقِ الشَّعْرِ وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ فَوْقَ رَأْسِهِ وَهُوَ نَصٌّ وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَيْهِ قوله تعالى فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ. ( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ كَانَتْ الْحِجَامَةُ فِي غَيْرِ رَأْسٍ فَاحْتَاجَ إِلَى حَلْقِ شَعْرِهَا أَوْ نَتْفِ شَعْرٍ مِنْ جَسَدِهِ لِغَيْرِ حِجَامَةٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَدِّلِ فِي الْمَبْسُوطِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ شَعْرُ الرَّأْسِ وَالْجَسَدِ سَوَاءٌ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَحْلِقَ شَعْرَ رَأْسِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا مُحْرِمٌ تَرَفَّهَ بِحَلْقِ شَعْرٍ مِنْ جَسَدِهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ كَمَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ حَلَقَ مَوْضِعَ الْمَحَاجِمِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ قَالَ وَذَلِكَ أَنَّهُ أَمَاطَ أَذًى , وَكُلُّ مَا فِيهِ إمَاطَةُ أَذًى فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ فِيهِ وَإِنْ قَلَّ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ إمَاطَةِ أَذًى وَلَا مَنْفَعَةَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا فَعَلَيْهِ فِي الشَّعْرَةِ وَالشَّعَرَاتِ قَبْضَةُ طَعَامٍ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْفِدْيَةَ إِنَّمَا تَجِبُ بِالتَّرَفُّهِ وَالِانْتِفَاعِ بِإِمَاطَةِ الْأَذَى فَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ بِحَلْقِ يَسِيرِ الشَّعْرِ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ بِحُصُولِ الِانْتِفَاعِ الْكَثِيرِ وَبِحُصُولِ الِانْتِفَاعِ بِإِمَاطَةِ الْأَذَى وَإِذَا كَانَ لِغَيْرِ مَنْفَعَةٍ مَقْصُودَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ التَّرَفُّهُ إِلَّا بِحَلْقِ الشَّعْرِ الْكَثِيرِ أَوْ جَمِيعِ الرَّأْسِ أَوْ أَكْثَرِهِ فَإِنَّهُ إِذَا حَصَلَ ذَلِكَ لَمْ يَخْلُ مِنْ الِانْتِفَاعِ وَالتَّرَفُّهِ فَتَجِبُ بِهِ الْفِدْيَةُ وَأَمَّا إِذَا حَلَقَ شَعْرَةً أَوْ شَعَرَاتٍ يَسِيرَةً لِغَيْرِ مَنْفَعَةٍ مَقْصُودَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ بِذَلِكَ انْتِفَاعٌ وَلَا تَرَفُّهٌ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَعَلَيْهِ أَنْ يُطْعِمَ قَبْضَةً مِنْ طَعَامٍ لِذَلِكَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.