موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (690)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (690)]

‏ ‏و حَدَّثَنِي ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏كَعْبَ الْأَحْبَارِ ‏ ‏أَقْبَلَ مِنْ ‏ ‏الشَّامِ ‏ ‏فِي ‏ ‏رَكْبٍ ‏ ‏حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ وَجَدُوا لَحْمَ صَيْدٍ فَأَفْتَاهُمْ ‏ ‏كَعْبٌ ‏ ‏بِأَكْلِهِ قَالَ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى ‏ ‏عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ‏ ‏بِالْمَدِينَةِ ‏ ‏ذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ ‏ ‏مَنْ أَفْتَاكُمْ بِهَذَا قَالُوا ‏ ‏كَعْبٌ ‏ ‏قَالَ فَإِنِّي قَدْ أَمَّرْتُهُ عَلَيْكُمْ حَتَّى تَرْجِعُوا ثُمَّ لَمَّا كَانُوا بِبَعْضِ طَرِيقِ ‏ ‏مَكَّةَ ‏ ‏مَرَّتْ بِهِمْ ‏ ‏رِجْلٌ ‏ ‏مِنْ جَرَادٍ فَأَفْتَاهُمْ ‏ ‏كَعْبٌ ‏ ‏أَنْ يَأْخُذُوهُ فَيَأْكُلُوهُ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى ‏ ‏عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ‏ ‏ذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تُفْتِيَهُمْ بِهَذَا قَالَ هُوَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ قَالَ وَمَا يُدْرِيكَ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ هِيَ إِلَّا نَثْرَةُ حُوتٍ يَنْثُرُهُ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّتَيْنِ ‏


( ش ) : قَوْلُهُ أَنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ أَقْبَلَ مِنْ الشَّامِ فِي رَكْبٍ مُحْرِمِينَ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ أَقْبَلُوا مِنْ الشَّامِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونُوا أَقْبَلُوا مِنْ الشَّامِ وَأَحْرَمُوا بَعْدَ انْفِصَالِهِمْ مِنْهُ غَيْرَ أَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ أَحْرَمُوا قَبْلَ الْمِيقَاتِ أَوْ قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ أَنْ أَحْرَمُوا وَمِيقَاتُهُمْ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ وَظَاهِرُ الْحَالِ خِلَافُ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ وَجَدُوا لَحْمَ صَيْدٍ فَأَفْتَاهُمْ كَعْبٌ بِأَكْلِهِ يُرِيدُ أَنَّهُمْ وَجَدُوا صَيْدًا قَدْ اصْطَادَهُ حَلَالٌ وَذَكَّاهُ فَصَارَ لَهُ حُكْمُ اللَّحْمِ لَا حُكْمُ الصَّيْدِ , وَلِذَلِكَ قَالَ وَجَدُوا لَحْمَ صَيْدٍ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ ذَكَرُوا لَهُ مَا أُفْتُوا بِهِ مِنْ إبَاحَتِهِ ; لِأَنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَهْتَبِلُ بِأَمْرِ النَّاسِ وَأَمْرِ دِينِهِمْ , وَيَسْأَلُ عَمَّا جَرَى لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي طَرِيقِهِمْ وَتَصَرُّفِهِمْ وَلَمَّا كَانَ يُعْرَفُ ذَلِكَ مِنْ حَالِهِ يُبْدَأُ بِالْإِخْبَارِ عَنْهُ فَلَمَّا أُخْبِرَ بِمَا جَرَى مِنْ أَكْلِ اللَّحْمِ بِفَتْوَى بَعْضِهِمْ سَأَلَهُمْ مَنْ الْمُفْتِي لَهُمْ بِذَلِكَ لِيَعْرِفَ لَهُ فَضْلَهُ وَمَكَانَهُ مِنْ الْعِلْمِ فَلَمَّا أَخْبَرُوا بِأَنَّهُ كَعْبٌ قَالَ قَدْ أَمَّرْتُهُ عَلَيْكُمْ حَتَّى تَرْجِعُوا تَنْوِيهًا بِهِ لِإِصَابَتِهِ فِي الْفَتْوَى وَتَقْدِيمًا لَهُ , وَهَذَا التَّأْمِيرُ يَقْتَضِي صَلَاتَهُ بِهِمْ وَحُكْمَهُ عَلَيْهِمْ وَرُجُوعَهُمْ إِلَى رَأْيِهِ وَتَصَرُّفَهُمْ بِأَمْرِهِ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَأَنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ مَرَّ بِهِمْ رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ وَهُوَ الْقَطِيعُ مِنْهُ فَأَفْتَاهُمْ كَعْبٌ أَنْ يَأْخُذُوهُ وَيَأْكُلُوهُ وَرَأَى لِلْمُحْرِمِ اصْطِيَادَهُ لِمَا اعْتَقَدَ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ مِنْ حَجِّهِمْ ذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ فَأَنْكَرَ عُمَرُ وَقَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا أَفْتَيْتَهُمْ بِهِ فَاحْتَجَّ عَلَيْهِ كَعْبٌ بِأَنَّهُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ صَيْدَ الْبَحْرِ مُبَاحٌ لِلْمُحْرِمِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ تَصْحِيحِ مَا ادَّعَاهُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ فَقَالَ : وَمَا يُدْرِيَكَ أَنَّهُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ ؟ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ كَعْبٍ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ وَلَا نَصٌّ يَصِحُّ لَهُ طَرِيقُهُ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ لَجَأَ إِلَى أَنْ أَقْسَمَ بِاللَّهِ أَنَّهُ نَثْرَةُ حُوتٍ يَنْثُرُهُ كُلَّ عَامٍ وَأَرَاهُ أَسْنَدَ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا وُجِدَ فِي كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِمَا لَا نَعْرِفُ صِحَّتَهُ وَلَا نَتَعَلَّقُ بِهِ فِي حُكْمٍ ; لِأَنَّهُ قَدْ دَخَلَهُ التَّحْرِيفُ وَالنَّقْصُ وَالزِّيَادَةُ فَلَا نَعْلَمُ أَنَّ مَا يُنْقَلُ مِنْ التَّوْرَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْكُتُبِ هُوَ مِمَّا بَقِيَ عَلَى صِحَّتِهِ وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ لَلَزِمَنَا الْقَوْلُ بِصِحَّتِهِ فِيمَا طَرِيقُهُ الْخَبَرُ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ نَثْرَةُ حُوتٍ وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْجَرَادَ مِمَّا بَقِيَ مِنْ طِينَةِ آدَمَ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ لَمْ يَخْلُقْ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ آدَمَ إِلَّا الْجَرَادُ بَقِيَ مِنْ طِينِهِ شَيْءٌ فَخَلَقَ مِنْهُ الْجَرَادَ وَهَذَا أَيْضًا لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِخَبَرِ نَبِيٍّ وَلَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خَبَرًا يَثْبُتُ فَلَا يَصِحُّ التَّعَلُّقُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ : أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ صَيْدُ الْجَرَادِ وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى تَجْوِيزِ ذَلِكَ بَعْضُ النَّاسِ , وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ قوله تعالى وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَإِنَّمَا يُعْلَمُ صَيْدُ الْبَرِّ مِنْ غَيْرِهِ بِمَا يَأْوِي إِلَيْهِ وَيَعِيشُ فِيهِ وَالْجَرَادُ إنَّمَا هُوَ فِي الْبَرِّ وَفِيهِ حَيَاتُهُ وَمَكَانُهُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَإِنَّمَا أَقَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كَعْبَ الْأَحْبَارِ عَلَى قَسْمِهِ بِحَضْرَتِهِ أَنَّهُ نَثْرَةُ حُوتٍ إمَّا لِرَأْيٍ رَآهُ أَوْجَبَ تَوَقُّفَهُ عَنْ زَجْرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ قَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَبْلُغْنَا , وَدَلِيلُ ذَلِكَ أَنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ قَدْ رَجَعَ عَنْ هَذِهِ الْفُتْيَا وَحَكَمَ مَعَ عُمَرَ عَلَى مُحْرِمٍ أَصَابَ جَرَادَةً بِسَوْطٍ فَحَكَمَ فِيهَا كَعْبٌ بِدِرْهَمٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ إِنَّكَ لَكَثِيرُ الدَّرَاهِمِ لَتَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ فَتَجَاوَزَ حَدَّ الْمَنْعَ لِاصْطِيَادِهِ إِلَى أَنْ حَكَمَ فِي جَرَادَةٍ بِدِرْهَمٍ. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!