المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (697)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (697)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ فِي الْحَرَمِ
( ش ) : أَمَرَ عُمَرُ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ فِي الْحَرَمِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ أَذَاهُنَّ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ إِلَّا بِابْتِدَائِهَا بِالْقَتْلِ وَلَوْ تُرِكَتْ إِلَى أَنْ تَبْتَدِئَ هِيَ لَابْتَدَأَتْ بِهِ فِي وَقْتِ نَوْمٍ أَوْ غَفْلَةٍ فَلَا يُمْكِنُ مُدَافَعَتُهَا مَعَ مَا طُبِعَتْ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ مِنْ الْأَذَى وَلَا تَنْصَرِفُ أَنْ لَا تَعْدُو وَهِيَ شَائِعَةٌ فِي جِنْسِهَا وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ فِي غَارِ مِنًى بِقَتْلِ حَيَّةٍ.. ( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا الْوَزَغُ فَهَلْ يَقْتُلُهَا الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَلَوْ تُرِكَتْ لَكَثُرَتْ وَغَلَبَتْ فَجَعَلَ مَالِكٌ رَحِمهُ اللَّهُ أَذَاهَا فِي كَثْرَتِهَا ; لِأَنَّ لَهَا أَذًى بِإِفْسَادِ مَا تَدْخُلُ فِيهِ مَعَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّاهَا فَاسِقَةً غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا كَرِهَ لِلْمُحْرِمِ بِنُسُكٍ أَنْ يَقْتُلَهَا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ غَالِبًا إِلَّا فِي الْبُيُوتِ وَحَيْثُ يَقْتُلُهُ وَيَدْفَعُ مَضَرَّتَهُ الْحَلَالُ وَمُدَّةُ الْإِحْرَامِ يَسِيرَةٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَأْرِ أَنَّ الْفَأْرَ أَكْثَرُ أَذًى وَتَسْلِيطًا وَأَسْرَعُ فِي الْفِرَارِ وَالْعَوْدَةِ وَهَذَا إنَّمَا هُوَ مِنْ مَالِكٍ رَحِمهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهِيَةِ ; لِأَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُوَيْسِقًا وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ فَلَوْ كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِمَّنْ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ بِقَتْلِ الْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ وَلَمْ تَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ تَوَقَّفَ عَنْ قَتْلِهِ حَالَ الْإِحْرَامِ قَالَ مَالِكٌ وَسَمِعْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِهِ فَحُمِلَ ذَلِكَ عَلَى حَالِ الْإِحْلَالِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْحَرَمِ أَوْ غَيْرِهِ لِمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ. ( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنْ قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِثْلَ شَحْمَةِ الْأَرْضِ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَضْعُفُ عَنْ الضَّرَرِ ابْتِدَاءً وَيَضْعُفُ عَنْ التَّحَرُّزِ وَالْفِرَارِ وَلَا يَكْثُرُ فِي مَسَافَةِ الْإِحْرَامِ بَلْ لَا يُوجَدُ إِلَّا نَادِرًا مِمَّا يَحْمِلُ فِي مَتَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْهَوَامِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.