المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (702)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (702)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ ظُفْرٍ لَهُ انْكَسَرَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ سَعِيدٌ اقْطَعْهُ
( ش ) : سُؤَالُهُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ ظُفْرٍ لَهُ انْكَسَرَ وَأَمْرُ سَعِيدٍ لَهُ بِقَطْعِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بَقِيَ مُتَعَلِّقًا يَتَأَذَّى بِهِ فَأَمَرَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ بِقَطْعِهِ وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ انْكَسَرَ ظُفْرِي وَأَنَا مُحْرِمٌ فَتَعَلَّقَ فَآذَانِي قَالَ فَذَهَبْت إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ اقْطَعْهُ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ فَفَعَلْت وَذَلِكَ أَنَّ قَطْعَ الظُّفْرِ مَمْنُوعٌ لِلْمُحْرِمِ ; لِأَنَّهُ مِنْ إمَاطَةِ الْأَذَى وَإِلْقَاءِ التَّفَثِ الْمُعْتَادِ بِطُولِ السَّفَرِ وَالْإِحْرَامِ فَإِنْ قَطَعَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى ضَرْبَيْنِ : أَحَدِهِمَا أَنْ يَقْطَعَهُ لِضَرُورَةٍ , وَالثَّانِي أَنْ يَقْطَعَهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَإِنْ قَطَعَهُ لِضَرُورَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ أَيْضًا يَنْقَسِمُ عَلَى قِسْمَيْنِ : أَحَدِهِمَا أَنْ يَقْطَعَهُ لِضَرُورَةٍ مُخْتَصَّةٍ بِالظُّفْرِ وَالثَّانِي أَنْ يَقْطَعَهُ لِضَرُورَةٍ غَيْرِ مُخْتَصَّةٍ بِالظُّفْرِ , فَأَمَّا الضَّرُورَةُ الْمُخْتَصَّةُ بِالظُّفْرِ فَمِثْلُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنْ يَنْكَسِرَ الظُّفْرُ فَيَبْقَى مُتَعَلِّقًا يَتَأَذَّى بِهِ فَهَذَا يَقْطَعُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا فِي الْمَذْهَبِ مَا اقْتَصَرَ عَلَى قَطْعِ مَا يَتَأَذَّى بِهِ فَإِنْ قَطَعَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ افْتَدَى رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ فِيمَا زَادَ عَلَى إزَالَةِ الضَّرَرِ مُتَعَدٍّ فَتَلْزَمُهُ بِذَلِكَ الْفِدْيَةُ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا إِنْ كَانَ الضَّرَرُ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ الظُّفْرِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ بِأَصَابِعِهِ قُرُوحٌ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى مُدَاوَاتِهَا إِلَّا بِتَقْلِيمِ أَظْفَارِهِ فَإِنَّهُ يُقَلِّمُهَا وَيَفْتَدِي قَالَهُ مَالِكٌ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الضَّرُورَةَ تُبِيحُ لَهُ تَقْلِيمَ الْأَظْفَارِ إِلَّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ الضَّرَرُ مِنْ جِهَةِ الظُّفْرِ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ ; لِأَنَّهُ قَلَّمَهَا غَيْرَ مُسْتَضِرٍّ بِهَا وَلَا خَارِجَةً عَنْ هَيْئَتِهَا وَأَصْلِ خِلْقَتِهَا ( فَصْلٌ ) وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ يُقَلِّمَ أَظْفَارَهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَإِنَّهُ مُرْتَكِبٌ لِلْمَحْظُورِ تَجِبُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْفِدْيَةُ سَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ إمَاطَةِ الْأَذَى الْمُعْتَادِ وَإِلْقَاءِ التَّفَثِ وَذَلِكَ مَحْظُورٌ عَلَى الْمُحْرِمِ كَحَلْقِ الرَّأْسِ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ قَلَّمَ ظُفْرَ يَدَيْهِ افْتَدَى قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَذَلِكَ عِنْدِي مَنْ قَلَّمَ أَظْفَارَ رِجْلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنْ قَلَّمَ ظُفْرَ يَدٍ وَاحِدَةٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ , وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ قَصَّ ظُفْرَيْنِ , وَإِنْ قَصَّ ظُفْرًا مِنْ كُلِّ يَدٍ افْتَدَى قَالَهُ أَشْهَبُ وَإِنْ قَلَّمَ ظُفْرًا وَاحِدًا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَمَاطَ بِهِ عَنْهُ الْأَذَى فَلْيَفْتَدِ وَإِلَّا فَلْيُطْعِمْ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ وَمَعْنَى إمَاطَةِ الْأَذَى يُرِيدُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِتَقْلِيمِهِ الْمَنْفَعَةَ الْمُعْتَادَةَ فِي تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ , وَإِمَاطَةُ الْأَذَى فِي تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ : أَحَدُهَا أَنْ يُزِيلَ عَنْ نَفْسِهِ خُشُونَةَ طُولِ أَظْفَارِهِ أَوْ أَكْثَرَهَا وَالثَّانِي أَنْ يَقْلَقَ مِنْ طُولِ ظُفْرٍ فَيُقَلِّمَهُ فَهَذَا أَمَاطَ عَنْهُ بِهِ أَذًى مُعْتَادًا , وَالثَّالِثِ أَنْ يُرِيدَ مُدَاوَاةَ قُرُوحٍ بِأَصَابِعِهِ أَوْ بِبَعْضِهَا وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِقَصِّ أَظْفَارِهِ فَهَذَا قَدْ أَمَاطَ بِهِ أَذًى لَا يَخْتَصُّ بِأَظْفَارِهِ.