موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (704)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (704)]

‏ ‏و حَدَّثَنِي ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏نَافِعٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ‏ ‏أَنَّهُ قَالَ ‏ ‏حِينَ خَرَجَ إِلَى ‏ ‏مَكَّةَ ‏ ‏مُعْتَمِرًا فِي الْفِتْنَةِ ‏ ‏إِنْ صُدِدْتُ عَنْ ‏ ‏الْبَيْتِ ‏ ‏صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَأَهَلَّ ‏ ‏بِعُمْرَةٍ مِنْ أَجْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ ‏ ‏الْحُدَيْبِيَةِ ‏ ‏ثُمَّ إِنَّ ‏ ‏عَبْدَ اللَّهِ ‏ ‏نَظَرَ فِي أَمْرِهِ فَقَالَ مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ نَفَذَ حَتَّى جَاءَ ‏ ‏الْبَيْتَ ‏ ‏فَطَافَ طَوَافًا وَاحِدًا وَرَأَى ذَلِكَ مُجْزِيًا عَنْهُ ‏ ‏وَأَهْدَى ‏ ‏قَالَ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏فَهَذَا الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ ‏ ‏أُحْصِرَ ‏ ‏بِعَدُوٍّ كَمَا أُحْصِرَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَأَصْحَابُهُ فَأَمَّا مَنْ أُحْصِرَ بِغَيْرِ عَدُوٍّ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ دُونَ ‏ ‏الْبَيْتِ ‏


( ش ) : قَوْلُهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حِينَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِي حَالِ الْفِتْنَةِ يُرِيدُ فِتْنَةَ الْحَجَّاجِ وَنُزُولِهِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ إِنْ صُدِدْت عَنْ الْبَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ أَنَّهُ يَحِلُّ دُونَ الْبَيْتِ وَيَرْجِعُ وَيَرَى أَنَّهُ قَدْ أَجْزَأَ عَنْهُ نُسُكُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُجْزِئًا لَمَا دَخَلَ فِيهِ ; لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَتَعَرَّضُ لِفَوَاتِ النُّسُكِ وَإِبْطَالِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَمْ يَتَيَقَّنْ نُزُولَ الْجَيْشِ بِابْنِ الزُّبَيْرِ حِينَ أَحْرَمَ , وَإِنَّمَا كَانَ شَيْءٌ يَتَّقِيهِ وَيَخَافُ أَنْ يَكُونَ وَإِنْ كَانَ تَيَقَّنَ نُزُولَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَيَقَّنْ صَدَّهُمْ لَهُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ اعْتِزَالِ الطَّوَائِفِ وَتَرْكِ التَّلَبُّسِ بِالْفِتْنَةِ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ إِنْ صُدِدْت عَنْ الْبَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ تَيَقَّنَ الْعَدُوَّ الْمَانِعَ لَمَا جَازَ أَنْ يُحْرِمَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ تَلَبُّسٌ بِعِبَادَةٍ يَتَيَقَّنُ أَنَّهَا لَا تَتِمُّ فَيَكُونُ كَالْقَاصِدِ لِغَيْرِ الْبَيْتِ بِنُسُكِهِ أَوْ مُلْتَزِمًا لِتَمَامِ النُّسُكِ وَمُطَّرِحًا لِلْإِحْلَالِ بِالْحَصْرِ وَعَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ إتْمَامُ نُسُكِهِ وَلَا يَحِلُّ دُونَ الْبَيْتِ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَيَقَّنْ أَنْ يُصَدَّ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِهِمْ مُحَارِبًا , وَإِنَّمَا قَصَدَ الْعُمْرَةَ وَلَمْ تَكُنْ قُرَيْشٌ تَمْنَعُ مِنْ قَصْدِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَأَهَلَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بِعُمْرَةٍ مِنْ أَجْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ يُرِيدُ أَنَّهُ امْتَثَلَ نُسُكَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَأْتِيَ مِنْ التَّحَلُّلِ دُونَ الْبَيْتِ إِنْ صُدَّ عَنْهُ بِمَا أَتَى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَكُونُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ لَهُ وَلَمْ يُحْرِمْ بِالْحَجِّ لَمَّا خَافَ أَنْ يَكُونَ آكَدَ مِنْ الْعُمْرَةِ فِي ذَلِكَ وَأَلَّا يَكُونَ لِلْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ مِنْ الرُّخْصَةِ بِالتَّحَلُّلِ مَا لِلْمُحْرِمِ بِالْعُمْرَةِ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ , ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ نَظَرَ فِي أَمْرِهِ فَقَالَ : مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ يُرِيدُ أَنَّهُ تَأَمَّلَ مَا أَحْرَمَ بِهِ مِنْ الْعُمْرَةِ وَمَا كَانَ يُرِيدُهُ مِنْ الْحَجِّ وَيُسْرِ حَالِهِمَا فَرَأَى أَنَّ حُكْمَهُمَا فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ ; لِأَنَّهُمَا نُسُكَانِ مُتَعَلِّقَانِ بِالْبَيْتِ فَإِذَا كَانَ التَّرَخُّصُ بِالتَّحَلُّلِ فِي أَحَدِهِمَا كَانَ لَهُ فِي الْآخَرِ مِثْلُ ذَلِكَ ; وَلِأَنَّهُ إِذَا كَانَ لَهُ التَّحَلُّلُ فِي الْعُمْرَةِ وَلَيْسَتْ مُتَعَلِّقَةً بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ فَبِأَنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْحَجِّ , وَهُوَ يَفُوتُ بِفَوَاتِ الْوَقْتِ أَوْلَى فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِنَّ أَمْرَهُمَا وَاحِدٌ وَهَذَا حُكْمٌ بِالْقِيَاسِ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَنْكَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ , ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ أَعْلَمَهُمْ بِمَا ظَهَرَ إِلَيْهِ مِنْ أَنَّ أَمْرَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ لِيُنَبِّهَهُمْ بِذَلِكَ عَلَى حُكْمِ الْقَضِيَّةِ , ثُمَّ قَالَ لَهُمْ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْت الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ لِيَقْتَدِيَ بِهِ فِي ذَلِكَ مَنْ يَلْزَمُهُ تَقْلِيدُهُ وَيُنَبِّهَ عَلَى مَوَاضِعِ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ ذَلِكَ فَأَرْدَفَ عَبْدُ اللَّهِ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ , وَذَلِكَ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِشَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ فَصَارَ قَارِنًا , وَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَنَفَذَ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ فَطَافَ طَوَافًا وَاحِدًا وَرَأَى ذَلِكَ مُجْزِئًا عَنْهُ يُرِيدُ أَنَّهُ رَأَى الطَّوَافَ الْوَاحِدَ أَجْزَأَ عَنْ عُمْرَتِهِ وَحَجِّهِ إذْ كَانَ قَدْ قَرَنَ بَيْنَهُمَا وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَيَقُولُ لَا تُجْزِئُهُ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ طَوَافَيْنِ وَسَعْيَيْنِ وَسَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ مَالِكٍ رَحِمهُ اللَّهُ فَهَذَا الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ أُحْصِرَ بِعَدُوٍّ وَكَمَا أُحْصِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يُرِيدُ أَنَّ حُكْمَهُ مِثْلُ حُكْمِ مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا جَازَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ يَوْمِ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ : أُحْصِرَ فِي الْعَدُوِّ فَإِنْ صَحَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ وَلَمْ تُغَيِّرْهَا الرُّوَاةُ فَإِنَّهَا عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي الْحَسَنِ إِنَّ لَفْظَةَ أُحْصِرَ تُسْتَعْمَلُ فِي الْعَدُوِّ وَالْمَرَضِ وَحُصِرَ لَا يُقَالُ : إِلَّا فِي الْعَدُوِّ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ الْفَرَّاءِ فِي ذَلِكَ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَأَمَّا مَنْ أُحْصِرَ بِغَيْرِ عَدُوٍّ فَإِنَّهُ لَا يُحِلُّ دُونَ الْبَيْتِ يُرِيدُ بِذَلِكَ مَنْ مَلَكَ نَفْسَهُ وَأَمَّا مَنْ مَلَكَهُ غَيْرُهُ كَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فَإِنَّهُمَا يُحِلَّانِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ إِذَا مَنَعَهُمَا مَنْ لَهُ الْمَنْعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدُوًّا ; لِأَنَّ الْمَانِعَ لِتَمَامِهِ اسْتِدَامَةُ الْمَنْعِ وَالْإِذْنِ فِي الْإِحْرَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!