موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (713)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (713)]

‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏يَحْيَى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ‏ ‏أَنَّهُ قَالَ ‏ ‏رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏رَمَلَ ‏ ‏مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏وَذَلِكَ الْأَمْرُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا ‏


( ش ) : قَوْلُهُ رَمَلَ مِنْ الْحِجْرِ الْأَسْوَدِ يُرِيدُ ابْتَدَأَ رَمَلَهُ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَهُوَ افْتِتَاحُ الطَّوَافِ , ثُمَّ جَعَلَ الْبَيْتَ عَلَى يَسَارِهِ وَطَافَ بِالْبَيْتِ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ مَرَّةً فَيَكُونُ مَعَهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنَكِّسَ الطَّائِفُ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَمِينِهِ وَيَطُوفَ بِهِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ فَإِنْ فَعَلَهُ حَاجٌّ أَوْ مُعْتَمِرٌ أَعَادَ مَا كَانَ بِمَكَّةَ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ جَبَرَهُ بِدَمٍ وَأَجْزَأَهُ , وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ : لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ , ثُمَّ مَضَى عَلَى يَمِينِهِ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْبَيْتَ عَلَى يَسَارِهِ , وَأَفْعَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْوُجُوبِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الرَّمَلَ فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ هُوَ الْإِسْرَاعُ فِيهِ بِالْخَبَبِ لَا يحسر عَنْ مَنْكِبَيْهِ وَلَا يُحَرِّكُهُمَا وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَوْهَرِيُّ الرَّمَلُ أَنْ يَثِبَ فِي مَشْيِهِ وَثْبًا خَفِيفًا يَهُزُّ مَنْكِبَيْهِ وَلَيْسَ بِالْوَثْبِ الشَّدِيدِ فَإِنْ كَانَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ قَدْرَ وَثْبِهِ بِتَحَرُّكِ جَسَدِهِ وَلَا يَقْصِدُ إِلَى إفْرَادِهِمَا بِالتَّحْرِيكِ فَهُوَ حَسَنٌ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - , وَذَلِكَ مِنْ حُكْمِ طَوَافِ الْوُرُودِ , الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا طَافَ فِي الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ سَعَى ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ وَمَشَى أَرْبَعًا , ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ سَبَبَ الرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ إنَّمَا كَانَ لِإِظْهَارِ الْجَلَدِ لِلْمُشْرِكِينَ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : إنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ وَقَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ الثَّلَاثَةَ وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ وَقَدْ أَرَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يَتْرُكَ الرَّمَلَ ثُمَّ اسْتَدَامَهُ فَقَالَ : مَا لَنَا وَلِلرَّمَلِ إنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا بِهِ الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ أَهْلَكَهُمْ اللَّهُ , ثُمَّ قَالَ شَيْءٌ صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ وَقَدْ فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَبَعْدَ أَنْ ثَبَتَ الْإِسْلَامُ بِمَكَّةَ وَزَالَتْ عَنْهُ المراءاة بِذَلِكَ لِلْمُشْرِكِينَ رَوَاهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لِحَدِيثِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ اعْتَمَرُوا مِنْ الْجِعْرَانَةِ فَرَمَلُوا بِالْبَيْتِ ثَلَاثًا وَمَشَوْا أَرْبَعًا. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ رَمَلَ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ يَقْتَضِي أَنَّ الطَّوَافَ كَانَ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيِّ وَالْأَسْوَدِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَمْشُوا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ وَتَأَوَّلَ أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُرَاءُونَ الْمُشْرِكِينَ بِالْجَلَدِ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى قُعَيْقِعَانَ فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا ظَهَرُوا لَهُمْ رَمَلُوا لِيَرَوْهُمْ الْجَلَدَ وَالْقُوَّةَ وَإِذَا اسْتَتَرُوا بِالْبَيْتِ فَكَانُوا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ مَشَوْا إبْقَاءً لِقُوَّتِهِمْ , وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ مَالِكٌ أَنْ يَرْمُلَ الطَّائِفُ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُتَقَدِّمُ وَإِنَّمَا حَكَى فِعْلَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُوَ آخِرُ مَا فَعَلَ وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فِعْلَهُ فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ , وَالْآخِرُ أَوْلَى أَنْ يُتَّبَعَ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَايَنَ مَا حَكَاهُ فِي عَامِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَاهْتَبَلَ ذَلِكَ اهْتِبَالًا أَوْرَدَ جَمِيعَ فِعْلِهِ مُنْذُ خَرَجَ مِنْ الْمَدِينَةِ إِلَى أَنْ عَادَ إلَيْهَا وَتَحَفَّظَ ذَلِكَ وَابْنُ عَبَّاسٍ إنَّمَا رَوَى عَنْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُشَاهِدْ عَامَ الْقَضِيَّةِ لِصِغَرِهِ مَعَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ الرَّمَلَ مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ وَإِنْ كَانَ مَشْرُوعًا لِحَاجَتِهِ إِلَى الْإِبْقَاءِ عَلَى أَصْحَابِهِ فَلَمَّا ارْتَفَعَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ لَزِمَ اسْتِدَامَةَ الرَّمَلِ الْمَشْرُوعِ. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!