المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (728)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (728)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَشْتَكِي فَقَالَ طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ قَالَتْ فَطُفْتُ رَاكِبَةً بَعِيرِي وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ يُصَلِّي إِلَى جَانِبِ الْبَيْتِ وَهُوَ يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ
( ش ) : قَوْلُهَا رضِيَ اللَّهُ عَنْهَا شَكَوْت إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَشْتَكِي يُرِيدُ أَنَّهَا شَكَتْ إِلَيْهِ أَنَّهَا لَا تُطِيقُ الطَّوَافَ مَاشِيَةً لِضَعْفِهَا مِنْ تِلْكَ الشَّكْوَى الَّتِي كَانَتْ بِهَا فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَطُوفَ مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ رَاكِبَةً وَفِي هَذَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ : إحْدَاهَا وُجُوبُ الْمَشْيِ فِي الطَّوَافِ , وَالثَّانِيَةُ جَوَازُ الطَّوَافِ مَحْمُولًا لِلْعُذْرِ وَالثَّالِثَةُ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَالرَّابِعَةُ طَوَافُ النِّسَاءِ مِنْ وَرَاءِ الرِّجَالِ. ( مَسْأَلَةٌ ) فَأَمَّا وُجُوبُ الْمَشْيِ فَسَيَأْتِي وَأَمَّا جَوَازُ الطَّوَافِ لِلرَّاكِبِ وَالْمَحْمُولِ لِلْعُذْرِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ نَعْلَمُهُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ هَذَا الْحَدِيثُ وَهُوَ نَصٌّ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا , فَإِنْ كَانَ رَاكِبًا فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ رَاكِبَ بَعِيرٍ مِنْ غَيْرِ الْجَلَّالَةِ لِطَهَارَةِ بَوْلِهِ وَرَوْثِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَنْدُوبًا فِي الْمَسْجِدِ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مَحْمُولًا فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الطَّائِفُ بِهِ لَا طَوَافَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الطَّوَافَ صَلَاةٌ فَلَا يُصَلِّي عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ غَيْرِهِ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا مَنْ طَافَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا لِغَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي إشْرَافِهِ لَا : يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ لَا يُجْزِئُهُ وَإِنَّمَا يُرِيدُ بِذَلِكَ نَحْوًا مِمَّا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ ; لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ يُعِيدُ طَوَافَهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلْيَبْعَثْ بِهَدْيٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا دَمَ عَلَيْهِ , وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمَشْيَ وَاجِبٌ فِي الطَّوَافِ فَإِذَا تَرَكَ ذَلِكَ فَقَدْ تَرَكَ مِنْ نُسُكِهِ وَاجِبًا فَكَانَ عَلَيْهِ الدَّمُ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا طَوَافُ النِّسَاءِ مِنْ وَرَاءِ الرِّجَالِ فَهُوَ لِلْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ وَلَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ الْبَعِيرِ فَقَدْ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَعِيرِهِ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنِهِ , وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى اتِّصَالِهِ بِالْبَيْتِ لَكِنْ مَنْ طَافَ غَيْرُهُ مِنْ الرِّجَالِ عَلَى بَعِيرٍ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ إِنْ خَافَ أَنْ يُؤْذِيَ أَحَدًا أَنْ يَبْعُدَ قَلِيلًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَوْلَ الْبَيْتِ زِحَامٌ وَأَمِنَ أَنْ يُؤْذِيَ أَحَدًا فَلْيَقْرُبْ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّ مِنْ سُنَّتِهَا أَنْ تَطُوفَ وَرَاءَ الرِّجَالِ ; لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالْبَيْتِ فَكَانَ مِنْ سُنَّةِ النِّسَاءِ أَنْ يَكُنَّ وَرَاءَ الرِّجَالِ كَالصَّلَاةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ طَوَافُ أُمِّ سَلَمَةَ طَوَافًا وَاجِبًا وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ طَوَافَ الْوَدَاعِ ; لِأَنَّهُ لَا تُتْرَكُ فَضِيلَةٌ إِلَّا لِمَشَقَّةٍ أَوْ فَوَاتِ أَصْحَابٍ وَلَيْسَ فِي فِعْلِهِ عَلَى الرَّاحِلَةِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. ( فَصْلٌ ) قَالَتْ : فَطُفْت وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ يُصَلِّي إِلَى جَانِبِ الْبَيْتِ وَهُوَ يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ رُوِيَ أَنَّ تِلْكَ الصَّلَاةَ كَانَتْ صَلَاةَ الصُّبْحِ رُوِيَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَهُوَ بِمَكَّةَ وَأَرَادَ الْخُرُوجَ وَلَمْ تَكُنْ أُمُّ سَلَمَةَ طَافَتْ بِالْبَيْتِ وَأَرَادَتْ الْخُرُوجَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ لِلصُّبْحِ فَطُوفِي عَلَى بَعِيرِك وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ فَفَعَلَتْ ذَلِكَ فَلَمْ تُصَلِّ حَتَّى خَرَجَتْ.