المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (737)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (737)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَانَتْ تَصُومُ يَوْمَ عَرَفَةَ قَالَ الْقَاسِمُ وَلَقَدْ رَأَيْتُهَا عَشِيَّةَ عَرَفَةَ يَدْفَعُ الْإِمَامُ ثُمَّ تَقِفُ حَتَّى يَبْيَضَّ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ مِنْ الْأَرْضِ ثُمَّ تَدْعُو بِشَرَابٍ فَتُفْطِرُ
( ش ) قَوْلُهُ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَصُومُ يَوْمَ عَرَفَةَ يَقْتَضِي صِيَامَهَا إِيَّاهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ غَيْرَ أَنَّ الْأَظْهَرَ مِنْ جِهَةِ الْمَقْصِدِ أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ صِيَامِهَا إِيَّاهُ فِي الْحَجِّ لَا سِيَّمَا وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ بِمَا بَعْدَهُ مِنْ الْكَلَامِ وَلَعَلَّ عَائِشَةَ رضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَدْ حَمَلَتْ فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْجَوَازِ وَالتَّسْهِيلِ عَلَى النَّاسِ وَأَنَّ الْفَضِيلَةَ فِي صِيَامِهِ فِي الْحَجِّ لِمَنْ أَطْلَقَ ذَلِكَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ إدَامَةِ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ فَأَخَذَتْ فِي ذَلِكَ بِمَا رَأَتْهُ الْأَفْضَلَ مَعَ مَا عَلِمَتْ مِنْ قُوَّتِهَا مَعَهُ عَلَى إدَامَةِ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَلَقَدْ رَأَيْتُهَا عَشِيَّةَ عَرَفَةَ يَدْفَعُ الْإِمَامُ , ثُمَّ تَقِفُ حَتَّى يَبْيَضَّ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ بَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ صَوْمَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ كَانَ فِي الْحَجِّ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ; لِأَنَّهُ وَقْتُ دَفْعِ الْإِمَامِ وَوَقْتُ الْفِطْرِ وَوُقُوفُهَا هُنَاكَ لِيَخْلُوَ لَهَا الْمَوْضِعُ لِكَشْفِ وَجْهِهَا لِلْفِطْرِ وَتَمَكُّنِهَا مِمَّا تُرِيدُ مِنْهُ دُونَ أَنْ يَلْزَمَهَا حِجَابٌ وَلَا سَتْرٌ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ حَتَّى يَبْيَضَّ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ مِنْ الْأَرْضِ أَيْ تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ سَوَادِ النَّاسِ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ , ثُمَّ تَدْعُو بِشَرَابٍ فَتُفْطِرُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَكْلَهَا ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ لِصَوْمٍ فَكَوْنُهُ فِطْرًا وَبِعَرَفَةَ ذَلِكَ يَكُونُ مِنْ طَرِيقَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ عَلِمَ بِصَوْمِهَا فَلِذَلِكَ سُمِّيَ مَا تَنَاوَلَهُ مِنْ الطَّعَامِ ذَلِكَ الْوَقْتِ فِطْرًا , وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَقْتِ أَكْلٍ لِغَيْرِ الصَّائِمِ ; لِأَنَّ مَنْ لَا يَصُومُ إنَّمَا يَشْتَغِلُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِالدُّعَاءِ وَبِالنَّفْرِ وَالدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ وَالِاهْتِبَالِ بِذَلِكَ وَالتَّأَهُّبِ لَهُ وَلَا يَشْتَغِلُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِتَنَاوُلِ طَعَامٍ إِلَّا صَائِمٌ يَقْصِدُ الْبِرَّ بِتَعْجِيلِ فِطْرِهِ أَوْ يَسْتَرْجِعُ بِهِ قُوَّتَهُ لِيَسْتَعِينَ عَلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ.