المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (738)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (738)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ مِنًى
( ش ) : نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ مِنَى يَقْتَضِي مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ النَّهْيَ الْعَامَّ عَنْ صِيَامِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ غَيْرَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ وَتَأَوَّلُوا نَهْيَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَصُومَهَا الْمُتَطَوِّعُ وَمَنْ صَامَ يَوْمًا مِنْ أَيَّامِ مِنَى مُتَطَوِّعًا فَلْيُفْطِرْ مَتَى مَا ذَكَرَ مِنْ نَهَارِهِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِفِطْرِهِ فَمَتَى مَا ذَكَرَ لَزِمَهُ أَنْ يَفْطُرَ وَيَرْجِعَ إِلَى مَا أُمِرَ بِهِ ( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا صِيَامُهَا عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَوْمُ الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ عَنْ نَذْرٍ مُعَيَّنٍ وَلَا غَيْرِ مُعَيَّنٍ , وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي صِيَامِهِمَا عَنْ صَوْمٍ وَاجِبٍ مُتَتَابِعٍ فِي كَفَّارَةٍ وَأَمَّا الْيَوْمُ الرَّابِعُ فَإِنَّهُ يَصُومُهُ عَنْ نَذْرِهِ , وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَعْيِينَهُ بِالنَّذْرِ , وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَنَّهُ يُجْزِئُ أَنْ يُصَامَ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ الْمُتَتَابِعِ. ( مَسْأَلَةٌ ) فَأَمَّا صِيَامُ الْمُتَمَتِّعِ أَيَّامَ مِنًى فَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : إِذَا لَمْ يَصُمْ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ وَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ فَعَلَى هَذَا لَا يَصُومُ الْمُتَمَتِّعُ أَيَّامَ مِنًى , وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ قوله تعالى فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَلَيْسَ هَاهُنَا أَيَّامٌ يُمْكِنُ أَنْ يُشَارَ إلَيْهَا غَيْرَ هَذِهِ الْأَيَّامِ وَلَوْ شَارَكَهَا غَيْرُهَا مِنْ الْأَيَّامِ فِي هَذَا الصَّوْمِ لَوَجَبَ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى عُمُومِهَا إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ فَعَلَى هَذَا حَمَلَ مَالِكٌ الْحَدِيثَ وَإِنَّمَا وَصَفَ هَذِهِ الْأَيَّامَ بِأَنَّهَا أَيَّامُ مِنًى ; لِأَنَّهَا تَخْتَصُّ بِالْمَقَامِ بِمِنًى عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ. ( فَرْعٌ ) وَهَلْ يُطْلَبُ صِيَامُهَا لِغَيْرِ الْمُتَمَتِّعِ رَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا تُصَامَ أَيَّامُ مِنًى فِي الْفِدْيَةِ وَمَا سَمِعْت ذَلِكَ إِلَّا فِي الْمُتَمَتِّعِ وَوَجْهُ ذَلِكَ قوله تعالى فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَعَلَى هَذَا قَوْلُ مَنْ قَالَ : إِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَلْفَاظِ الْحَصْرِ ظَاهِرٌ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.