المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (741)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (741)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِي عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ أُخْتِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَوَجَدَهُ يَأْكُلُ قَالَ فَدَعَانِي قَالَ فَقُلْتُ لَهُ إِنِّي صَائِمٌ فَقَالَ هَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهِنَّ وَأَمَرَنَا بِفِطْرِهِنَّ قَالَ مَالِك هِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ
( ش ) : قَوْلُهُ إنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو فَوَجَدَهُ يَأْكُلُ فَدَعَاهُ يُرِيدُ أَنَّهُ دَعَاهُ عَلَى مَعْنَى اسْتِعْمَالِ حُسْنِ الْأَدَبِ مَعَ الْوَلَدِ وَبَذْلِ الطَّعَامِ وَالسَّخَاوَةِ وَالْمُشَارَكَةِ فِيهِ وَهُوَ مِمَّا كَانَتْ الْعَرَبُ تَتَمَدَّحُ بِهِ وَتَفْخَرُ بِالْإِيثَارِ فِيهِ وَقَدْ وَرَدَ بِذَلِكَ الشَّرْعُ قَالَ تَعَالَى وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ رُوِيَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ آثَرَ ضَيْفَهُ بِطَعَامِهِ وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ أَنْ تُطْعِمَ الطَّعَامَ وَتَقْرَأَ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْت وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ إنِّي صَائِمٌ عَلَى إظْهَارِ عُذْرِهِ الْمَانِعِ لَهُ مِنْ طَاعَةِ أَبِيهِ وَبِمَا دَعَاهُ إِلَيْهِ ; لِأَنَّ إجَابَتَهُ بِمَا دَعَاهُ إِلَيْهِ لَيْسَتْ بِمَعْصِيَةٍ بَلْ هِيَ مَشْرُوعَةٌ مَأْمُورٌ بِهَا وَظَنَّ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ أَبَاهُ لَمْ يَدْعُهُ إِلَى طَعَامِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِصَوْمِهِ فَوَجَدَ عِنْدَهُ مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْأَيَّامَ الَّتِي كَانَ فِيهَا هِيَ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهَا وَأَمَرَ بِفِطْرِهَا وَأَنَّ مَا ابْتَدَاهُ عَبْدُ اللَّهِ فِيهَا مِنْ الصَّوْمِ مَمْنُوعٌ يَلْزَمُهُ قَطْعُهُ قَالَ مَالِكٌ وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ يُرِيدُ أَنَّ تِلْكَ الْأَيَّامَ الَّتِي أَخْبَرَ عَنْهَا هِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُهَا وَلَا تَعْيِينُهَا غَيْرَ أَنْ لَيْسَ فِي الْأَيَّامِ أَيَّامٌ يُمْكِنُ أَنْ يُشَارَ إلَيْهَا بِالْمَنْعِ مِنْ الصَّوْمِ فِيهَا غَيْرُهَا ; لِأَنَّ يَوْمَ الْفِطْرِ إنَّمَا هُوَ يَوْمٌ وَكَذَلِكَ يَوْمُ النَّحْرِ لِانْفِرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَمَّا يُضَافُ إِلَيْهِ مِنْ جِنْسِهِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ كُلُّهَا مُتَّصِلَةٌ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ رَحِمهُ اللَّهُ اعْتَقَدَ أَنَّهَا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اعْتَقَدَ ذَلِكَ لِخَبَرٍ بَلَغَهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.