المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (744)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (744)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ كَانَ يَرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يُهْدِي فِي الْحَجِّ بَدَنَتَيْنِ بَدَنَتَيْنِ وَفِي الْعُمْرَةِ بَدَنَةً بَدَنَةً قَالَ وَرَأَيْتُهُ فِي الْعُمْرَةِ يَنْحَرُ بَدَنَةً وَهِيَ قَائِمَةٌ فِي دَارِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ وَكَانَ فِيهَا مَنْزِلُهُ قَالَ وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ طَعَنَ فِي لَبَّةِ بَدَنَتِهِ حَتَّى خَرَجَتْ الْحَرْبَةُ مِنْ تَحْتِ كَتِفِهَا
( ش ) : قَوْلُهُ إنَّهُ كَانَ يَرَى عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ عُمَرَ يُهْدِي فِي الْحَجِّ بَدَنَتَيْنِ بَدَنَتَيْنِ وَفِي الْعُمْرَةِ بَدَنَةً بَدَنَةً عَلَى مَعْنَى تَعْظِيمِ الْحَجِّ وَالتَّقَرُّبِ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَتَقَرَّبُ فِي الْعُمْرَةِ ; وَلِأَنَّهُ كَمَا كَانَ الْحَجُّ أَكْثَرَ عَمَلًا كَانَ يَخُصُّهُ بِزِيَادَةٍ فِي إخْرَاجِ الْمَالِ لَمَّا كَانَ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْعَمَلِ وَالْمَالِ , وَلَفْظُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي تَكَرُّرَ ذَلِكَ مِنْهُ ; لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا اللَّفْظِ لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِيمَا يَتَكَرَّرُ فِعْلُهُ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَرَأَيْتُهُ فِي الْعُمْرَةِ يَنْحَرُ بَدَنَةً وَهِيَ قَائِمَةٌ يَقْتَضِي مَسْأَلَتَيْنِ : إحْدَاهُمَا مُبَاشَرَةَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ , وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَنْحَرَ الْبُدْنَ قِيَامًا فَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي مُبَاشَرَةِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَى أَنَسٌ قَالَ وَنَحَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ سَبْعِينَ بَدَنَةً قِيَامًا. ( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي نَحْرِهَا قِيَامًا فَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ غَيْرِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي قَوْلِهِ تُنْحَرُ بَارِكَةً , وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ أَنَسٍ الْمُتَقَدِّمُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَحَرَ سَبْعِينَ بَدَنَةً قِيَامًا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْإِبِلِ ; لِأَنَّهُ أَمْكَنُ لِمَنْ يَنْحَرُهَا ; لِأَنَّهُ يَطْعَنُ فِي لَبَتِّهَا وَأَمَّا الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ الَّتِي سُنَّتُهَا الذَّبْحُ فَإِنَّ إضْجَاعَهَا أَمْكَنُ لِتَنَاوُلِ ذَبْحِهَا فَالسُّنَّةُ إضْجَاعُهَا. ( فَرْعٌ ) وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الشَّأْنَ أَنْ تُنْحَرَ الْبُدْنُ قَائِمَةً قَدْ صُفَّتْ يَدَاهَا بِالْقَيْدِ وَقَالَ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا لَا يَعْقِلُهَا إِلَّا مَنْ خَافَ أَنْ يَضْعُفَ عَنْهَا. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فِي دَارِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ وَكَانَ فِيهَا مَنْزِلُهُ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يَنْحَرُ هَدْيَهُ فِي مَوْضِعِهِ وَلَا يُخْرِجُ هَدْيَهُ إِلَى غَيْرِهِ وَلَعَلَّهُ كَانَ مَنْحَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَنْحَرُ فِيهِ رَوَى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ كَانَ يَبْعَثُ بِهَدْيِهِ مِنْ جَمْعٍ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ حَتَّى يَدْخُلَ بِهِ مَنْحَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ حُجَّاجٍ فِيهِمْ الْحُرُّ وَالْمَمْلُوكُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يَنْحَرُ فِي مَوْضِعِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْحَرَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَطْعَنُ فِي لَبَّةِ بَدَنَتِهِ حَتَّى خَرَجَتْ الْحَرْبَةُ مِنْ تَحْتِ كَتِفِهَا إخْبَارٌ مِنْهُ بِمَا شَاهَدَ مِنْ فِعْلِهِ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَلَا تَعَمُّدٍ كَانَ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ النَّحْرِ عَلَى وَجْهِ وُجُوبٍ أَوْ نَدْبٍ فَإِنْ كَانَتْ الْمُبَالَغَةُ بِالطَّعْنِ فِي لَبَّةِ الْبَدَنَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْإِبِلِ مَأْمُورًا بِهَا لِيُتِمَّ الذَّكَاةَ وَلَا يُقَصِّرَ بِذَلِكَ تَقْصِيرًا لَمْ تَتِمَّ بِذَلِكَ الذَّكَاةُ كَإِمْرَارِ الشَّفْرَةِ عَلَى الْحَلْقِ فِي الذَّبْحِ فَإِنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي ذَلِكَ مَشْرُوعَةٌ لِتَيَقُّنِ تَمَامِ الذَّكَاةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَطْعُ الرَّأْسِ مَشْرُوعًا.