المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (754)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (754)]
و حَدَّثَنِي مَالِك عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ فِي الضَّحَايَا وَالْبُدْنِ الثَّنِيُّ فَمَا فَوْقَهُ
( ش ) : وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ جَلَالَ الْبُدْنِ تُشَقُّ عَلَى أَسْنِمَتِهَا لِمَعْنَيَيْنِ : أَحَدِهِمَا أَنْ يَبْدُوَ الْإِشْعَارُ , وَالثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ أَثْبَتُ لَهَا عَلَى ظُهُورِ الْبُدْنِ قَالَ مَالِكٌ , وَذَلِكَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ وَمَا عَلِمْت أَنَّ أَحَدًا تَرَكَ ذَلِكَ إِلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ , وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُجَلِّلُ الْحُلَلَ وَالْأَنْمَاطَ الْمُرْتَفِعَةَ فَكَانَ يَتْرُكُ ذَلِكَ اسْتِبْقَاءً لِلثِّيَابِ وَلَمْ يَكُنْ يُجَلِّلُ إِلَّا حِينَ يَغْدُو مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ لِتَبْقَى الثِّيَابُ بِحَالِهَا وَلَا تَتَغَيَّرُ بِطُولِ اللُّبْسِ لَهَا قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُجَلِّلُهَا بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَإِذَا مَشَى لَيْلَهُ نَزَعَ الْجَلَالَ فَإِذَا قَرُبَ مِنْ الْحَرَمِ جَلَّلَهَا وَإِذَا خَرَجَ إِلَى مِنًى جَلَّلَهَا فَإِذَا كَانَ حِينَ النَّحْرِ نَزَعَهَا فَعَلَى هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مُخَالِفَةً رِوَايَةَ مَالِكٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ إنَّمَا قَصَدَ الْإِخْبَارَ عَنْ آخِرِ عَمَلِهِ فِيهَا وَاسْتَوْفَى ابْنُ الْمُبَارَكِ الْإِخْبَارَ عَنْ جَمِيعِ أَحْوَالِهَا وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَعْقِدُ أَطْرَافَ الْجَلَالِ عَلَى أَذْنَابِهَا مِنْ الْبَوْلِ , ثُمَّ يَنْزِعُهَا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الدَّمُ فَيَتَصَدَّقُ بِهَا قَالَ مَالِكٌ وَأَحَبُّ إلَيَّ إِنْ كَانَتْ الْجَلَالُ مُرْتَفِعَةً أَنْ يَتْرُكَ شَقَّهَا وَلَا يُجَلِّلَهَا حَتَّى يَغْدُوَ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ وَإِنْ كَانَتْ بِالثَّمَنِ الْيَسِيرِ عَلَى الدِّرْهَمَيْنِ وَنَحْوِهِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تُشَقَّ وَيُجَلِّلَهَا مِنْ حِينِ يُحْرِمُ فَتَأَوَّلَ قَوْلَهُ لَا يَشُقُّ جَلَالَ بَدَنِهِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ ذَلِكَ جُمْلَةً وَأَنَّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِغُدُوِّهِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ هُوَ التَّجْلِيلُ خَاصَّةً. ( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا فِي الْإِبِلِ وَأَمَّا الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ فَلَا تُجَلَّلُ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَبْسُوطِ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ التَّجْلِيلَ زِيَادَةٌ عَلَى الْهَدْيِ بَعْدَ كَمَالِهِ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ فِي تَحْسِينِهِ وَتَمَامِهِ , وَالْهَدْيُ مِنْ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ نَاقِصٌ فِي بَابِ الْهَدْيِ إنَّمَا يَخْرُجُ عِنْدَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَجْزَاءِ وَالضَّرُورَةِ إِلَيْهِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ فَلَا مَعْنَى لِتَجْلِيلِهِ ; لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْأَدْوَنِ مِنْهُ يُنَافِي التَّجْلِيلَ الَّذِي هُوَ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَفْضَلِ وَلِأَنْ يَجْعَلَ ثَمَنَ الْجَلَالِ فِي فَضْلِ جِنْسِ الْهَدْيِ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَجْعَلَهُ فِيمَا تَبِعَ الْهَدْيَ.