المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (773)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (773)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ مَنْ لَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ مِنْ لَيْلَةِ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَمَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ مِنْ لَيْلَةِ الْمُزْدَلِفَةِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ
( ش ) : قَوْلُهُ مَنْ لَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ مِنْ لَيْلَةِ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ يَقْتَضِي مَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ هَذَا آخِرُ مَا يُدْرِكُ بِهِ الْوُقُوفَ وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ الْوُقُوفُ قَبْلَهُ وَيُجْتَزَأُ بِهِ وَالثَّانِي أَنْ يَقْصِدَ تَبْيِينَ زَمَانِ الْوُقُوفِ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ إِنْ لَمْ يَقِفْ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ بِعَرَفَةَ فَلَا وُقُوفَ لَهُ وَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَفَ قَبْلَ ذَلِكَ لِأَنَّ مَا قَبْلَ ذَلِكَ لَيْسَ بِزَمَانٍ لِفَرْضِ الْوُقُوفِ وَإِنْ كَانَ زَمَانًا لِنَافِلَتِهِ وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الْأَظْهَرُ فِي اللَّفْظِ لِتَعْلِيقِهِ الْحُكْمَ عَلَى اللَّيْلَةِ وَقَدْ ذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ الْوُقُوفَ لَا يُجْزِئُ بِالنَّهَارِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْوُقُوفِ بِاللَّيْلِ وَالْأَفْضَلُ عِنْدَهُ أَنْ يَقِفَ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ : الِاعْتِمَادُ عَلَى الْوُقُوفِ بِالنَّهَارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ مِنْ وَقْتِ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى الْغُرُوبِ وَالْوُقُوفُ بِاللَّيْلِ تَبَعٌ فَمَنْ وَقَفَ جُزْءًا مِنْ. النَّهَارِ أَجْزَأَهُ وَمَنْ وَقَفَ جُزْءًا مِنْ اللَّيْلِ أَجْزَأَهُ وَيَقُولُونَ مَعَ ذَلِكَ : إِنَّ مَنْ وَقَفَ جُزْءًا مِنْ النَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَمَنْ وَقَفَ جُزْءًا مِنْ اللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ حَدِيثُ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَذَهَبَتْ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا حِينَ غَابَ الْقُرْصُ وَأَفْعَالُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْوُجُوبِ لَا سِيَّمَا فِي الْحَجِّ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا مَنْ يَصِحُّ صَوْمُهُ فَلَمْ يَكُنْ مَحَلًّا لِفَرْضِ الْوُقُوفِ أَصْلُ ذَلِكَ أَوَّلُ النَّهَارِ. ( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْمُسْتَحَبُّ مِنْ الْوُقُوفِ أَنْ يُصَلِّيَ بِأَثَرِ الزَّوَالِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ ثُمَّ يَتَّصِلَ بِذَلِكَ الرَّوَاحُ إِلَى الْمَوْقِفِ فَيَتَّصِلُ وُقُوفُهُ بِهِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ دَفَعَ وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ النَّفْلِ وَالْفَرْضِ فَإِنَّ دَفَعَ قَبْلَ الْغُرُوبِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ عَرَفَةَ إِلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ عَلَيْهِ الْهَدْيُ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ الْغُرُوبِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَعَلَيْهِ حَجٌّ قَابِلٌ وَالْهَدْيُ وَمَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ لَيْلًا وَتَرَكَ الْوُقُوفَ نَهَارًا مُخْتَارًا فَقَدْ رَوَى الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِم عَلَيْهِ الدَّمُ وَهَذَا يَقْتَضِي وُجُوبَهُ وَإِنَّ لَمْ يَكُنْ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ بِانْفِرَادِهِ.