المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (775)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (775)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَالِمٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ أَبَاهُمَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُقَدِّمُ أَهْلَهُ وَصِبْيَانَهُ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى حَتَّى يُصَلُّوا الصُّبْحَ بِمِنًى وَيَرْمُوا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ النَّاسُ
( ش ) : قَوْلُهُ كَانَ يُقَدِّمُ أَهْلَهُ وَصِبْيَانَهُ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى السُّنَّةُ الْمَبِيتُ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالْوُقُوفُ بِهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ عَلَى مَا يَأْتِي ذِكْرُهُ وَتَفْسِيرُهُ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ( مَسْأَلَةٌ ) وَالْفَرْضُ مِنْ الْمَبِيتِ بِمِنًى النُّزُولُ فِيهَا وَالْمَقَامُ مِقْدَارَ مَا يَرَى أَنَّهُ مَقَامٌ فَمَنْ مَنَعَهُ مِنْ النُّزُولِ بِهَا مَانِعٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ : عَلَيْهِ الدَّمُ وَهُوَ بَدَنَةٌ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَإِنْ نَزَلَ بِهَا ثُمَّ ارْتَحَلَ عَنْهَا قَبْلَ الْفَجْرِ أَوَّلًا عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ : يُجْزِئُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا لِمَنْ جَاءَهَا لَيْلًا فَأَمَّا مَنْ جَاءَهَا بَعْدَ الْفَجْرِ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ : عَلَيْهِ الدَّمُ وَإِنْ كَانَ مِنْ ضَعَفَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : مَنْ جَاءَهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَنَزَلَ بِهَا فَقَدْ أَدْرَكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَجَعَلَ مَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَقْتًا لِلنُّزُولِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَإِنْ كَانَ النُّزُولُ عَرَى عَنْ الْمَبِيتِ بِهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ : وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ الْوُقُوفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَلَمْ يَجِبْ بِتَرْكِهِ إِلَّا الدَّمُ لَمْ يَقْوَ قُوَّةَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَيَجِبُ بِتَرْكِ تَوَابِعِهِ الدَّمُ وَمَنْ أَتَى بَعْدَ الْفَجْرِ فَنَزَلَ أَجْزَأَهُ عَنْ الْمَبِيتِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَسَاءَ وَتَرَكَ الْأَفْضَلَ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ كَانَ يُقَدِّمُ أَهْلَهُ حَتَّى يُصَلِّيَ الصُّبْحَ بِمِنًى يَقْتَضِي أَنَّ التَّقَدُّمَ كَانَ قَبْلَ الصُّبْحِ وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِمِقْدَارِ مَا يَأْتُونَ مِنًى لِصَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ فَتَجِبُ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَهُمْ بِهَا وَإِنَّمَا خَصَّ بِذَلِكَ نِسَاءَهُ وَصِبْيَانَهُ لِلضَّعْفِ عَنْ زَحْمَةِ النَّاسِ فَأَرَادَ بِذَلِكَ الرِّفْقَ بِهِمْ عَلَى حَسَبِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ لَمَّا كَانَ التَّعْرِيسُ الَّذِي هُوَ فَرْضُ الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ قَدْ وُجِدَ مِنْهُمْ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا فَضِيلَةُ الْوُقُوفِ مَعَ الْإِمَامِ فَرَخَّصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ لِضَعْفِهِمْ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَيَرْمُوا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ النَّاسُ.