المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (781)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (781)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ فَقَالَ إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ
( ش ) : قَوْلُ حَفْصَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِك يَحْتَمِلُ أَنْ تُرِيدَ بِهِ الْحَجَّ لِأَنَّ مَعْنَاهُمَا جَمِيعًا الْقَصْدُ يُقَالُ : حَجَّ الرَّجُلُ الْبَيْتَ إِذَا قَصَدَهُ وَاعْتَمَرَهُ إِذَا قَصَدَهُ فَلَمَّا كَانَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدًا عَبَّرَتْ عَنْ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاقِعًا فِي الشَّرْعِ عَلَى نَوْعٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الْقَصْدِ وَالنُّسُكِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ حَفْصَةَ اعْتَقَدَتْ أَنَّهُ كَانَ مُعْتَمِرًا فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا اعْتَقَدَتْ فَأَعْلَمَهَا بِقَوْلِهِ إنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ أَنَّهُ مُحْرِمٌ إحْرَامًا لَا يُمْكِنُهُ التَّحَلُّلُ مِنْهُ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ عَارِيًا مِنْ حَجٍّ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّدْت رَأْسِي وَقَلَّدْت هَدْيِي مَا يَمْنَعُ مِنْ أَنْ يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ الْمُفْرَدَةِ لِأَنَّ مَنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ وَقَلَّدَ هَدْيَهُ وَأَحْرَمَ بِعُمْرَتِهِ يَنْحَرُ هَدْيَهُ وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ عِنْدَ إكْمَالِهَا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ التَّلْبِيدِ وَالتَّقْلِيدِ أَنْ يُرْدِفَ عَلَيْهَا حَجَّةً وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا وَذَلِكَ أَنْ يُعْلِمَهَا أَنَّهُ لَبَّدَ رَأْسَهُ وَقَلَّدَ هَدْيَهُ لِلْحَجِّ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّحَلُّلُ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ وَيَنْحَرَهُ بِمِنًى بَعْدَ كَمَالِ حَجَّتِهِ وَأَمَّا مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَتِهِ وَأَكْمَلَ عَمَلَهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُرْدِفَ الْحَجَّ عَلَيْهَا وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَحْلِقَ وَيَتَحَلَّلَ ثُمَّ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ إِنْ شَاءَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي إرْدَافِهِ الْحَجَّ عَلَى عُمْرَةٍ قَدْ كَمُلَ عَمَلُهَا غَيْرُ تَأْخِيرِ الْحِلَاقِ وَذَلِكَ نَقْصٌ فِي النُّسُكِ يَجِبُ جُبْرَانُهُ بِالدَّمِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : كُرِهَ الْحِلَاقُ لِقُرْبِ الْحَجِّ عَلَى مَا كَرِهَ مَالِكٌ لِلْمُعْتَمِرِ أَنْ يَحْلِقَ إِذَا قَرُبَ الْمَوْسِمُ وَإِنْ كَانَ يُسْتَحَبُّ الْحِلَاقُ لِغَيْرِهِ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ : إنَّهُ يُقَصِّرُ بَدَلًا مِنْ الْحِلَاقِ وَيُوَفِّرُ شَعْرَهُ لِحِلَاقِ الْحَجِّ فَيَجْمَعُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَحَفْصَةُ لَمْ تَسْأَلْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَرْكِ الْحِلَاقِ وَإِنَّمَا سَأَلَتْهُ عَنْ تَرْكِ التَّحَلُّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.