المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (790)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (790)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَقِيَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِهِ يُقَالُ لَهُ الْمُجَبَّرُ قَدْ أَفَاضَ وَلَمْ يَحْلِقْ وَلَمْ يُقَصِّرْ جَهِلَ ذَلِكَ فَأَمَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَرْجِعَ فَيَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ ثُمَّ يَرْجِعَ إِلَى الْبَيْتِ فَيُفِيضَ و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ دَعَا بِالْجَلَمَيْنِ فَقَصَّ شَارِبَهُ وَأَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَبَ وَقَبْلَ أَنْ يُهِلَّ مُحْرِمًا
( ش ) : الرَّجُلُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمُجَبَّرُ هُوَ ابْنُ أَخِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَكَانَ الْمُجَبَّرُ قَدْ أَفَاضَ وَلَمْ يَحْلِقْ وَلَمْ يُقَصِّرْ جَهِلَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَلْزَمُهُ فَأَمَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَرْجِعَ فَيَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الرُّجُوعَ إِلَى مَوْضِعِ الْحِلَاقِ بِمِنًى وَلَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالرُّجُوعِ إِلَى مِنًى لَقَالَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَحْلِقَ ثُمَّ يُفِيضَ وَلَمَّا قَالَ : أَمَرَهُ أَنْ يَرْجِعَ فَيَحْلِقَ ثُمَّ يَرْجِعَ إِلَى الْبَيْتِ فَيُفِيضَ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَقِيَهُ بِغَيْرِ مِنًى وَلَعَلَّهُ لَقِيَهُ بَيْنَ مَكَّةَ وَمِنًى مُنْصَرِفًا إِلَى مِنًى فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَمَادَى إِلَى مِنًى فَيَحْلِقَ ثُمَّ يَرْجِعَ إِلَى الْبَيْتِ فَيُعِيدَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَفِي الْمُخْتَصَرِ يَرْجِعُ فَيَحْلِقُ ثُمَّ يُفِيضُ وَقِيلَ : يَنْحَرُ وَيَحْلِقُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِذَا قُلْنَا : إنَّهُ يُعِيدُ الْإِفَاضَةَ فَوَجْهُهُ أَنَّهُمَا تَحَلُّلَانِ مُرَتَّبَانِ فَإِذَا قَدَّمَ الْآخَرَ مِنْهُمَا وَجَبَ الْإِتْيَانُ بِهِ مَا لَمْ يَفُتْ وَقْتُهُ كَالْحِلَاقِ وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُمَا مَعْنَيَانِ سُنَّا بَعْدَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ وَقَبْلَ رَمْيِ الْجِمَارِ فَتَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لَا يُوجِبُ الْإِعَادَةَ كَالْحَلْقِ وَالذَّبْحِ. ( فَرْعٌ ) فَإِنْ قُلْنَا : يُعِيدُ الْإِفَاضَةَ فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَفِي الْمُخْتَصَرِ مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ وَهَلْ عَلَيْهِ هَدْيٌ أَمْ لَا رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ إِنْ ذَكَرَ فِي أَيَّامِ مِنًى حَلَقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ مِنًى حَلَقَ وَأَهْدَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : إِنْ تَبَاعَدَ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ أَهْدَى وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ , هَذَا الْجَوَابُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ لِتَأْخِيرِ الْحِلَاقِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا فِي الْأَمْرِ بِإِعَادَةِ الْإِفَاضَةِ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. ( ش ) : قَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُوَفِّرُ شَعْرَ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ إِذَا أَرَادَ الْحَجَّ مِنْ آخِرِ رَمَضَانَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَأَى فِي ذَلِكَ خِلَافَ رَأْيِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَالِمٌ إنَّمَا كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْعُمْرَةِ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْحَجِّ وَحُكْمُهُمَا عِنْدَهُمَا مُخْتَلِفٌ وَأَمَّا قَصُّ الشَّارِبِ فَلَمْ يَخْتَلِفَا فِيهِ وَقَدْ رُوِيَ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ مَالِكٍ فِي الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُحْرِمَ لَا بَأْسَ أَنْ يَقُصَّ شَارِبَهُ وَيُقَلِّمَ أَظْفَارَهُ وَيَتَنَوَّرَ عِنْدَمَا يُرِيدُ أَنْ يُحْرِمَ وَأَمَّا شَعْرُ رَأْسِهِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعْفَى وَيُوَفَّرَ لِلشَّعَثِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَالْفَرْقُ عِنْدِي بَيْنَ الشَّارِبِ وَاللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ أَنَّ الشَّارِبَ يَلْحَقُهُ الْأَذَى بِطُولِهِ وَلَا يَلْحَقُ ذَلِكَ بِطُولِ شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَالثَّانِي أَنَّ تَوْفِيرَ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ تَشْعِيثٌ لَهُمَا وَلَا يَتَشَعَّثُ الشَّارِبُ بِأَنْ لَا يُقَصِّرَ شَعْرَهُ فَلَا يُفِيدُ تَوْفِيرُهُ شَعَثًا. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ : إنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَبَ وَقَبْلَ أَنْ يُهِلَّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ مِنْ جُمْلَةِ التَّنْظِيفِ وَتَوَابِعِ الْغُسْلِ لِلْإِحْرَامِ فَيَجِبُ أَنْ يَعْمَلَ بِأَثَرِ الْغُسْلِ فَإِذَا أَكْمَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ رَكِبَ فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَحْرَمَ.