المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (822)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (822)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ حَاضَتْ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحَابِسَتُنَا هِيَ فَقِيلَ إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ فَقَالَ فَلَا إِذًا
( ش ) : قَوْلُهُ إِنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ وَهِيَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاضَتْ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ بِالْحَجِّ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا اعْتَقَدَتْ أَوْ تَخَوَّفَتْ أَنْ تَكُونَ حَيْضَتُهَا تَمْنَعُهَا بَعْضَ أَفْعَالِ الْحَجِّ أَوْ جَمِيعَهَا فَأَرَادَتْ أَنْ تَعْلَمَ عِلْمَ ذَلِكَ وَكَانَتْ كَثِيرَةَ الْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ عَمَّا لَا تَعْلَمُهُ وَلَعَلَّهُ أَجْرَى ذِكْرَ صَفِيَّةَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَهَا فَأَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ أَنَّهَا قَدْ حَاضَتْ أَوْ لَعَلَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ مِنْ حَالِهَا فَأَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِحَيْضَتِهَا. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَابِسَتُنَا هِيَ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَيْضَ يَمْنَعُ بَعْضَ أَفْعَالِ الْحَجِّ وَيُوجِبُ الْبَقَاءَ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ تَطْهُرَ مِنْ حَيْضَتِهَا فَيُمْكِنُهَا فِعْلُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ فِي الْوَقْتِ تَعْيِينُ ذَلِكَ الْفِعْلِ إِلَّا أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّهُ قَدْ عَيَّنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَعَلِمَ مَنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مِنْ سُنَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْهُ الْحَيْضُ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ الطَّوَافَ خَاصَّةً وَلِذَلِكَ قَالَتْ لَهُ إنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ فَقَالَ : فَلَا إذًا يُرِيدُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ قَدْ أَفَاضَتْ فَإِنَّهَا لَا تَبْقَى وَلَا تَحْبِسُ مَنْ يَكُونُ مَعَهَا فَاقْتَضَى أَنَّ الْحَيْضَ يَحْبِسُ الْمَرْأَةَ إِذَا لَمْ تَكُنْ أَفَاضَتْ وَيُحْبَسُ مَنْ مَعَهَا مِمَّنْ يَلْزَمُهُ أَمْرُهَا وَلِذَلِكَ يُحْبَسُ الْكَرِيُّ مَعَهَا وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ( مَسْأَلَةٌ ) وَاَلَّذِي يُحْبَسُ عَلَيْهَا الْكَرِيُّ وَذُو الْمَحْرَمِ وَالرُّفْقَةِ فَأَمَّا الْكَرِيُّ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مَا يَحْبِسُ النِّسَاءَ الدَّمُ عَلَى مَا يَأْتِي بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا ذُو الْمَحْرَمِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ عَلَيْهَا حَتَّى يُمْكِنَهَا السَّفَرُ وَأَمَّا الرُّفْقَةُ وَالْأَصْحَابُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ : إِنْ كَانَ مَقَامُهَا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيُحْبَسُ كَرِيُّهَا وَمَنْ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُحْبَسْ إِلَّا كَرِيُّهَا وَحْدَهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الرُّفْقَةَ تَلْحَقُهُمْ الْمَشَقَّةُ بِطُولِ الْحَبْسِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا عَقْدٌ وَلَا لَهَا عَلَيْهِمْ حَقٌّ يُحْبَسُونَ بِهِ إِلَّا مِقْدَارُ مَا لَا تَلْحَقُهُمْ بِهِ مَضَرَّةٌ لِمَعْنَى الْمُرَافَقَةِ وَالِاصْطِحَابِ فِي الطَّرِيقِ وَهِيَ تَجِدُ الْعِوَضَ مِنْهُمْ بَعْدَ مُدَّةٍ فَإِنَّ الطَّرِيقَ الْمَأْمُونَةَ لَا تَنْقَطِعُ وَأَمَّا الْكَرِيُّ فَلَهَا عَلَيْهِ حَقٌّ ثَبَتَ عَلَيْهِ بِعَقْدٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتْرُكَهَا وَيَذْهَبَ بِحَقِّهَا وَهُوَ حَقٌّ مُعْتَادٌ قَدْ عَرَفَهُ وَدَخَلَ عَلَيْهِ فَلَزِمَهُ مِنْ الْمَقَامِ مَا لَا يَلْزَمُ الرُّفْقَةَ وَأَيْضًا فَإِنَّ حَقَّهَا قَدْ تَعَيَّنَ عِنْدَهُ وَتَعَلَّقَ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ إِلَى غَيْرِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ أَرَادَتْ الْمَقَامَ لَكَانَ لِلْكَرِيِّ أَنْ يَطْلُبَهَا بِحَقِّهِ عِنْدَهَا مِنْ السَّيْرِ مَعَهُ وَهُوَ الْكِرَاءُ وَلَوْ أَرَادَتْ أَنْ تُقِيمَ لَمْ يَكُنْ لِلرُّفْقَةِ قِبَلَهَا فِي ذَلِكَ حَقٌّ بِوَجْهٍ.