المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (825)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (825)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ فَقِيلَ لَهُ قَدْ حَاضَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّهَا حَابِسَتُنَا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا قَدْ طَافَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا إِذًا قَالَ مَالِك قَالَ هِشَامٌ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ وَنَحْنُ نَذْكُرُ ذَلِكَ فَلِمَ يُقَدِّمُ النَّاسُ نِسَاءَهُمْ إِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُنَّ وَلَوْ كَانَ الَّذِي يَقُولُونَ لَأَصْبَحَ بِمِنًى أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ آلَافِ امْرَأَةٍ حَائِضٍ كُلُّهُنَّ قَدْ أَفَاضَتْ
( ش ) : قَوْلُهَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا أَنْ يُخْبَرَ بِأَنَّهَا حَاضَتْ وَلَعَلَّهُ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ مِنْ حَالِهَا إذْ خَفَى عَنْهُ أَمْرُهَا. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ عَائِشَةَ رضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَلَمْ يُقَدِّمْ النَّاسُ نِسَاءَهُمْ إِنْ كَانَ لَا يَنْفَعُهُنَّ إنْكَارٌ عَلَى مَنْ يَقُولُ إِنَّ تَقَدُّمَ الْإِفَاضَةِ لَا يَنْفَعُهُنَّ فَإِنَّهُنَّ لَا بُدَّ أَنْ يَبْقَيْنَ عَلَى طَوَافِ الْوَدَاعِ فَقَالَتْ : وَلَوْ لَمْ يُسْتَحَبَّ الرُّجُوعُ إِلَى بِلَادِهِنَّ بِتَقْدِيمِ الطَّوَافِ لَاتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى تَقْدِيمِ النِّسَاءِ مِنْ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَلَكَانُوا يَقْتَصِرُونَ عَلَى تَأْخِيرِ الطَّوَافِ لِأَنَّ فِي تَقْدِيمِ طَوَافِهِنَّ يَوْمَ النَّحْرِ تَكَلُّفًا وَمَشَقَّةً مَعَ مَا يَلْزَمُ مِنْ سَتْرِهِنَّ وَيَثْقُلُ مِنْ حَمْلِهِنَّ لَكِنْ لَمَّا عَلِمَ النَّاسُ أَنَّ مَنْ حَاضَتْ مِنْهُنَّ كَانَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَى بَلَدِهَا وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى طَوَافِ الصَّدْرِ لِأَجْلِ الْحَيْضِ تَكَلَّفُوا تِلْكَ الْمَشَقَّةَ وَكَانَتْ أَخَفَّ عَلَيْهِمْ مِنْ الْبَقَاءِ مَعَهُنَّ إِذَا حِضْنَ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ عَائِشَةَ رضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَلَوْ كَانَ الَّذِي يَقُولُونَ لَأَصْبَحَ بِمِنًى أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ آلَافِ امْرَأَةٍ حَائِضٍ يُرِيدُ أَنَّ هَذَا يَكْثُرُ عَلَى النِّسَاءِ فَلَوْ لَمْ يَنْفَعْهُنَّ تَقْدِيمُ الْإِفَاضَةِ لَكَثُرَ مَنْ يُقِيمُ مِنْ النِّسَاءِ بِمَكَّةَ لِأَجْلِ الْحَيْضِ عَلَى طَوَافِ الصَّدْرِ وَلَوْ لَمْ يَنْفَعْهُنَّ مَا قَدَّمْنَ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَلَمَا عُدِمَ ذَلِكَ مَعَ اهْتِبَالِ النِّسَاءِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ بِأَمْرِ الدِّينِ وَكَثْرَةِ الْعُلَمَاءِ صَحَّ وَثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ اتِّفَاقٌ مِنْ جَمِيعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا مَقَامٌ عَلَى طَوَافِ الصَّدْرِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْمَقَامُ عَلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِأَنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَفِي ذَلِكَ أَنَّ عَائِشَةَ جَوَّزَتْ الْكَلَامَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ وَإِظْهَارَ وَجْهِ الصَّوَابِ فِيهَا بِالرَّأْيِ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ حَفِظَتْ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَرِ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ أَنَّ الْإِفَاضَةَ قَبْلَ الْحَيْضِ تُبِيحُ الِانْصِرَافَ لَكِنَّهَا مَعَ ذَلِكَ أَضَافَتْ إِلَى ذَلِكَ بَيَانَ الْمَعْنَى بَعْدَ الْأَثَرِ.