المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (833)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (833)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْجَزَرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمًا فَآذَاهُ الْقَمْلُ فِي رَأْسِهِ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ وَقَالَ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ لِكُلِّ إِنْسَانٍ أَوْ انْسُكْ بِشَاةٍ أَيَّ ذَلِكَ فَعَلْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ
( ش ) : قَوْلُهُ إنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمًا يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ مُحْرِمًا وَكَانَ ذَلِكَ فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَذَاهُ الْقَمْلُ فِي رَأْسِهِ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ وَالْأَمْرُ وَإِنْ كَانَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ أَوْ النَّدْبَ وَلَا تَكُونُ الْإِبَاحَةُ أَمْرًا فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَدَبَهُ إِلَى ذَلِكَ وَرَآهُ الْأَفْضَلَ لَهُ فَقَدْ نُهِيَ الْإِنْسَانُ عَنْ أَذَى نَفْسِهِ وَتَحَمُّلِ الْمَشَقَّةِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْعَادَةِ الْمُؤْذِيَةِ الَّتِي لَا يُطِيقُهَا الْإِنْسَانُ غَالِبًا فِي الْعِبَادَاتِ وَلِذَلِكَ كُرِهَ مِنْ الْحَوْلَاءِ بِنْتِ تُوَيْتٍ أَنْ لَا تَنَامَ اللَّيْلَ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اكْلَفُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ أَوْ اُنْسُكْ بِشَاةٍ عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ لَهُ فِي أَنْ يَفْعَلَ أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ وَبَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّ ذَلِكَ شِئْت فَعَلْت. ( مَسْأَلَةٌ ) وَالنُّسُكُ هَاهُنَا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ دُونَ غَيْرِهَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ : يَجُوزُ أَنْ يَنْسُكَ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً وَقَدْ نَصَّ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الشَّاةِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَدْنَى مَا يُجْزِئُ وَلَا يُقَلَّدُ النُّسُكُ وَلَا يُشْعَرُ وَلَا يُسَاقُ مِنْ حِلٍّ إِلَى حَرَمٍ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَجْعَلَهُ هَدْيًا فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْهَدْيِ بِهِ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَالْإِطْعَامُ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ فَلَا يَقْصُرُ عَنْهُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ : إنَّمَا عَلَيْهِ مُدَّانِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مِنْ عَيْشِ الْبَلَدِ شَعِيرٍ أَوْ بُرٍّ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ : يُجْزِئُهُ الشَّعِيرُ إِنْ كَانَ طَعَامُهُ حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَ طَعَامُهُ ذُرَةً نَظَرَ إِلَى مَا يُجْزِئُهُ مِنْ الْقَمْحِ فَزِيدَ فِي الذُّرَةِ حَتَّى يَبْلُغَ بِذَلِكَ إجْزَاءَ الْحِنْطَةِ فِي الشِّبَعِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّعِيرَ عِنْدَهُ مِنْ جِنْسِ الْقَمْحِ فَمَا كَانَ قُوتُهُ أَخْرَجَ مِنْهُ كَمَا يُخْرِجُ عَنْ الضَّأْنِ وَالْمَاعِزِ الْأَغْلَبَ مِنْهَا لَمَّا كَانَتَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَلَا يُخْرِجُ عَنْ أَحَدِهِمَا بَقَرًا وَلَا غَيْرَهَا لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْجِنْسِ.