موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (839)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (839)]

‏ ‏و حَدَّثَنِي ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏كُرَيْبٍ ‏ ‏مَوْلَى ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ عَبَّاسٍ ‏ ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مَرَّ بِامْرَأَةٍ وَهِيَ فِي ‏ ‏مِحَفَّتِهَا ‏ ‏فَقِيلَ لَهَا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَأَخَذَتْ ‏ ‏بِضَبْعَيْ ‏ ‏صَبِيٍّ كَانَ مَعَهَا فَقَالَتْ أَلِهَذَا حَجٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ‏ ‏نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ ‏


( ش ) : قَوْلُهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِامْرَأَةٍ وَهِيَ فِي مِحَفَّتِهَا ذَكَرَ إِنَّ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقِيلَ لَهَا : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ كَانَتْ فِيمَنْ آمَنَ بِهِ وَلَمْ تَرَهُ وَلَمْ تَعْرِفْ عَيْنَهُ فَلِذَلِكَ أُخْبِرَتْ بِهِ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهَا فِي الصَّبِيِّ أَلِهَذَا حَجٌّ سُؤَالٌ عَنْ حُكْمِ الصَّبِيِّ إِنْ كَانَ مِمَّنْ تَصِحُّ مِنْهُ هَذِهِ الْعِبَادَةُ وَإِنَّمَا أَرَادَتْ بِهِ الْحَجَّ الْمَشْرُوعَ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ وَالِاسْتِحْبَابِ وَلِذَلِكَ قَالَ لَهَا : نَعَمْ وَلَك أَجْرٌ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي عَوْنِهِ عَلَى ذَلِكَ. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَالصِّبْيَانُ عَلَى ضَرْبَيْنِ : ضَرْبٌ يَفْهَمُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ وَضَرْبٌ يَصْغُرُ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يَفْهَمُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ وَلَا يَنْتَهِي عَمَّا نُهِيَ عَنْهُ فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ لَا يَحُجُّ بِالرَّضِيعِ وَأَمَّا ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ وَخَمْسٍ فَنَعَمْ وَهَذَا إنَّمَا هُوَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَإِنْ أَحْرَمَ بِهِ وَأَلْزَمَ الْإِحْرَامُ لَزِمَهُ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا جِدًّا لَا يَفْهَمُ فَقَدْ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ فِي الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَتَكَلَّمُ مِنْ صِغَرِهِ لَمْ يُلَبَّ عَنْهُ وَلَكِنْ يُجَرَّدُ فَإِذَا جُرِّدَ وَنُودِيَ بِتَجْرِيدِهِ الْإِحْرَامَ فَهُوَ مُحْرِمٌ وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ الرَّضِيعَ لَا يَفْهَمُ وَلَا يَمْتَثِلُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ وَلَا يُزْدَجَرُ عَمَّا نُهِيَ عَنْهُ فَكَانَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ مَعَ مَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْمَشَقَّةِ بِالْإِحْرَامِ. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَسْتَطِيعُ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ بَاشَرَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ لِضَعْفِهِ أَوْ لِأَنَّهُ لَا يَفْهَمُهُ طَافَ بِهِ مَنْ حَجَّ بِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّا إِذَا جَوَّزْنَا إحْرَامَهُ وَأَلْزَمْنَاهُ إِيَّاهُ كَانَ مِنْ مُقْتَضَاهُ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَكَانَ لَا يُطِيقُ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَطُوفَ بِهِ غَيْرُهُ وَفِي ذَلِكَ مَسَائِلُ وَذَلِكَ أَنَّ مَنَاسِكَ الْحَجِّ أَفْعَالٌ وَسَعْيٌ فَأَمَّا الْأَفْعَالُ فَتَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ كَمَا يَنْقَسِمُ السَّعْيُ إِلَى قِسْمَيْنِ فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ الْأَفْعَالِ فَلَهُ تَعَلُّقٌ بِالْبَيْتِ وَيَفْتَقِرُ إِلَى طَهَارَةٍ كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَهَذَا الْقِسْمُ لَا يَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ وَلَا يَفْعَلُهُ أَحَدٌ مِنْ كَبِيرٍ وَلَا صَغِيرٍ وَلَا يَفْعَلُهُ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْمُسْتَأْجَرِ عَلَى الْحَجِّ لِأَنَّنَا إِذَا قُلْنَا : إِنَّ الْحَجَّ إنَّمَا هُوَ حَجُّ الْمُبَاشَرَةِ لَهُ فَإِنَّمَا لِلْمُسْتَأْجَرِ عَنْهُ نَفَقَتُهُ فَإِنَّ الْمُصَلِّيَ إنَّمَا يَرْكَعُ عَنْ نَفْسِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ نِيَابَةً عَنْ أَحَدٍ وَإِنْ قُلْنَا : إِنَّ الْحَجَّ عَنْ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ فَلَا يَلْزَمُنَا أَيْضًا لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ لِلْحَجِّ لَمَّا دَخَلَ فِيهِ لَزِمَهُ جَمِيعُ أَفْعَالِهِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ بِهَا وَلِذَلِكَ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ وَيَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ عَنْ الصَّيْدِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ وَإِنَّمَا كَلَامُنَا فِي مَنْسَكٍ وَاحِدٍ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ يَفْعَلُهُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ أَلَا تَرَى أَنَّ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ الْمُفْرَدَةِ يَفْعَلُهَا عَنْ غَيْرِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ مَنْ هُوَ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَحُجَّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ مَنْ هُوَ مُحْرِمٌ عَنْ نَفْسِهِ بِالْحَجِّ فَبَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْأَفْعَالِ فَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى طَهَارَةٍ وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْبَيْتِ كَرَمْيِ الْجِمَارِ فَهَذَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ لِلضَّرُورَةِ إِلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ الْأَفْعَالِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَفْعَلَهُ النَّائِبُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ الْمُسْتَنِيبِ فِعْلًا وَاحِدًا وَلَكِنْ يَفْعَلُهُ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ يَفْعَلُهُ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ ثَانِيَةً وَالْكَلَامُ فِيهِ فِي فَصْلَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَنُوبُ فِيهِ فِعْلٌ وَاحِدٌ عَنْ عِبَادَةِ رَجُلَيْنِ وَالثَّانِي أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَتَقَدَّمَ فِعْلُ النَّائِبِ عَنْ نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَهُ عَنْ غَيْرِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنُوبُ فِعْلٌ وَاحِدٌ عَنْ نُسُكِ رَجُلَيْنِ أَنَّ النَّائِبَ قَدْ لَزِمَهُ هَذَا الْفِعْلُ عَنْ نَفْسِهِ كَامِلًا عَلَى وَجْهِهِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَنُوبَ عَنْ فِعْلِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ حِينَئِذٍ عَنْ نَفْسِهِ عَلَى مَا قَدْ لَزِمَهُ وَوَجْهٌ ثَانٍ إِنَّ فِعْلَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَرْضٌ لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ بِإِحْرَامِهِ وَفِعْلَهُ عَنْ غَيْرِهِ تَطَوُّعٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِعْلٌ وَاحِدٌ يَقْضِي بِهِ الْفَرْضَ وَالتَّطَوُّعَ. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا السَّعْيُ فَإِنَّهُ يَنْقْسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ : الْقِسْمُ الْأَوَّلُ يَفْتَقِرُ إِلَى الطَّهَارَةِ وَلَهُ تَعَلُّقٌ بِالْبَيْتِ كَالطَّوَافِ فَهَذَا يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَهُ الْإِنْسَانُ عَمَّنْ عَجَزَ عَنْهُ لِصِغَرِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنُوبَ عَنْهُ فِيهِ جُمْلَةً لِأَنَّ لَهُ تَعَلُّقًا بِالْبَيْتِ وَيَفْتَقِرُ إِلَى الطَّهَارَةِ كَالصَّلَاةِ وَإِنَّمَا جَازَ أَنْ يَفْعَلَهُ بِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْحَمْلِ لَهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَهُ الْإِنْسَانُ رَاكِبًا لِلْعُذْرِ فَالْحَمْلُ فِيهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ غَيْرِهِ فِي طَوَافٍ وَاحِدٍ لِتَعَلُّقِهِ بِالْبَيْتِ وَافْتِقَارِهِ إِلَى الطَّهَارَةِ وَلِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ فَرْضُهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَدِّيَ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ فَرْضًا وَيَتَطَوَّعُ بِهِ. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَالْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ السَّعْيِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْبَيْتِ وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى طَهَارَةٍ كَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ فَهَذَا يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ ; لِأَنَّهُ عَمَلٌ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى الطَّهَارَةِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَيْتِ كَالْحَمْلِ إِلَى مِنًى وَعَرَفَةَ. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!