المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (842)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (842)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتُلُوهُ قَالَ مَالِك وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ مُحْرِمًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
( ش ) : قَوْلُهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ يَقْتَضِي أَحَدَ أَمْرَيْنِ : إمَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُحْرِمٍ فَلِذَلِكَ غَطَّى رَأْسَهُ بِالْمِغْفَرِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَرْوِ أَحَدٌ أَنَّهُ تَحَلَّلَ مِنْ إحْرَامٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةٌ مِنْ نَهَارٍ فَعَلَى أَنَّ دُخُولَ مَكَّةَ عَلَى غَيْرِ إحْرَامٍ خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِهَذَا قَالَ مَالِكٌ : وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ مُحْرِمًا وَقَدْ كَانَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ غَطَّى رَأْسَهُ لِأَذًى اضْطَرَّهُ إِلَى ذَلِكَ وَافْتَدَى لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ دَخَلَ مَكَّةَ مُحْرِمًا وَدُخُولُ مَكَّةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ : أَنْ يُرِيدَ دُخُولَهَا لِلنُّسُكِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَهَا إِلَّا مُحْرِمًا فَإِنْ تَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ ثُمَّ أَحْرَمَ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَالضَّرْبُ الثَّانِي أَنْ يَدْخُلَهَا غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُهَا لِحَاجَةٍ تَتَكَرَّرُ كَالْحَطَّابِينَ وَأَصْحَابِ الْفَوَاكِهِ فَهَؤُلَاءِ يَجُوزُ لَهُمْ دُخُولُهَا غَيْرَ مُحْرِمِينَ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ كَانَتْ تَلْحَقُهُمْ بِالْإِحْرَامِ مَتَى احْتَاجُوا إِلَى دُخُولِهَا لِتَكَرُّرِ ذَلِكَ وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ أَنْ يَدْخُلَهَا لِحَاجَتِهِ وَهِيَ مِمَّا لَا تَتَكَرَّرُ فَهَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَهَا إِلَّا مُحْرِمًا لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي إحْرَامِهِ وَإِنْ دَخَلَهَا غَيْرَ مُحْرِمٍ فَهَلْ عَلَيْهِ دَمٌ أَوْ لَا ؟ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدْ أَسَاءَ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَلَمَّا نَزَعَ الْمِغْفَرَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ ابْنُ خَطَلٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَرَفَهُ حِينَئِذٍ لَمَّا أَزَالَ الْمِغْفَرَ عَنْ رَأْسِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَافَقَ نَزْعُهُ الْمِغْفَرَ مَجِيءَ الرَّجُلِ وَإِخْبَارَهُ وَكَانَ تَعَلُّقُ ابْنِ خَطَلٍ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ اسْتِجَارَةً بِهَا فَإِنَّهُ كَانَ مِمَّنْ يُؤْذِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّنَ كُلَّ مَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ وَدَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ إِلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَطَلٍ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اُقْتُلُوهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ تَنْفَعْهُ اسْتِجَارَتُهُ بِالْبَيْتِ وَالْحَرَمِ لَمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِنْ سَفْكِ دَمِهِ وَهَكَذَا كُلُّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ سَفْكُ دَمِهِ لِقِصَاصٍ أَوْ غَيْرِهِ يُقْتَلُ فِي الْحَرَمِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.