المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (848)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (848)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ الصِّيَامُ لِمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا مَا بَيْنَ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ فَإِنْ لَمْ يَصُمْ صَامَ أَيَّامَ مِنًى و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مِثْلَ قَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا
( ش ) : قَوْلُهَا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا الصِّيَامُ لِمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا مَا بَيْنَ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ تُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أَهَلَّ بِالْحَجِّ فَقَدْ لَزِمَهُ الْهَدْيُ فَإِنْ عَدِمَهُ جَازَ لَهُ الصِّيَامُ وَأَمَّا قَبْلَ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ هَدْيٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصُومَ قَبْلَ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْحَرَ هَدْيَ التَّمَتُّعِ حِينَئِذٍ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَإِنْ لَمْ يَصُمْ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ صَامَ أَيَّامَ مِنًى وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي تَلِي يَوْمَ النَّحْرِ وَهَذَا اللَّفْظُ يَقْتَضِي صِحَّةَ الصَّوْمِ مِنْ وَقْتِ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ الْمُتَمَتِّعُ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّ ذَلِكَ مَبْدَأُ إمَّا لِأَنَّهُ وَقْتُ الْأَدَاءِ وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أَيَّامِ مِنًى وَقْتَ الْقَضَاءِ وَإِمَّا لِأَنَّ فِي تَقْدِيمِ الصِّيَامِ قَبْلَ النَّحْرِ إبْرَاءً لِلذِّمَّةِ وَذَلِكَ مَأْمُورٌ بِهِ وَإِمَّا أَنَّ صِيَامَ مَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ مُبَاحٌ لِمَنْ يُرِيدُ الصَّوْمَ وَصِيَامُ أَيَّامِ مِنًى مَمْنُوعٌ فَإِنَّمَا يُبَاحُ الصَّوْمُ فِيهَا لِلضَّرُورَةِ مَنْ لَمْ يَصُمْ قَبْلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ صَوْمُهُ فِي حَجِّهِ امْتِثَالًا لقوله تعالى فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَمَا بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى فَلَيْسَ مَحَلًّا لِهَذَا الصَّوْمِ عَلَى وَجْهِ الْأَدَاءِ لِأَنَّ مَا بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى لَا يَكُونُ الصَّوْمُ فِيهَا فِي الْحَجِّ وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ : إِنَّ صِيَامَ أَيَّامِ مِنًى إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ وَالْأَظْهَرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْأَدَاءِ وَإِنْ كَانَ الصَّوْمُ قَبْلَهَا أَفْضَلَ كَوَقْتِ الصَّلَاةِ الَّذِي فِيهِ سَعَةٌ لِلْأَدَاءِ وَإِنْ كَانَ أَوَّلُهُ أَفْضَلَ مِنْ آخِرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ( فَرْعٌ ) وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَصُومُ الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إِلَّا الْمُتَمَتِّعُ الَّذِي لَا يَجِدُ الْهَدْيَ لِضَرُورَةِ أَنْ يَقَعَ صَوْمُهُ فِي الْحَجِّ وَأَمَّا الْيَوْمُ الثَّالِثُ فَإِنَّهُ يَصُومُهُ مَنْ نَذَرَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْيَوْمَ الثَّالِثَ لَا يَتَحَقَّقُ بِالْحَجِّ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْرُكُ الْحَاجُّ الْمَقَامَ فِيهِ بِمِنًى وَيَتْرُكُ الرَّمْيَ وَالْمَبِيتَ وَأَمَّا الْيَوْمَانِ الْأَوَّلَانِ فَتَحَقَّقَانِ بِالْحَجِّ لَا يَجُوزُ لِمَنْ حَجَّ أَنْ يَتْرُكَ لَهُمَا الْمَبِيتَ وَلَا أَنْ يَتْرُكَ الرَّمْيَ وَالْمَقَامَ فِيهِمَا بِمِنًى فَلِذَلِكَ افْتَرَقَ حُكْمُهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ تَمَّ كِتَابُ الْحَجِّ بِحَمْدِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ