المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (866)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (866)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صَدَرَ مِنْ حُنَيْنٍ وَهُوَ يُرِيدُ الْجِعِرَّانَةَ سَأَلَهُ النَّاسُ حَتَّى دَنَتْ بِهِ نَاقَتُهُ مِنْ شَجَرَةٍ فَتَشَبَّكَتْ بِرِدَائِهِ حَتَّى نَزَعَتْهُ عَنْ ظَهْرِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي أَتَخَافُونَ أَنْ لَا أَقْسِمَ بَيْنَكُمْ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ سَمُرِ تِهَامَةَ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا وَلَا جَبَانًا وَلَا كَذَّابًا فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِي النَّاسِ فَقَالَ أَدُّوا الْخِيَاطَ وَالْمِخْيَطَ فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ وَنَارٌ وَشَنَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ ثُمَّ تَنَاوَلَ مِنْ الْأَرْضِ وَبَرَةً مِنْ بَعِيرٍ أَوْ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَلَا مِثْلُ هَذِهِ إِلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ
( ش ) : قَوْلُهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صَدَرَ مِنْ حُنَيْنٍ يُرِيدُ حَيْثُ أَصَابَ هَوَازِنَ فَأَظْفَرَهُ اللَّهُ بِهِمْ وَغَنِمَ أَمْوَالَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ فَصَدَرَ يُرِيدُ الْجِعِرَّانَةَ وَهِيَ طَرِيقُهُ إِلَى مَكَّةَ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يَعْتَمِرَ مِنْهَا وَحُنَيْنٌ يَقْرَبُ مِنْ الْجِعِرَّانَةِ فَسَأَلَهُ النَّاسُ قَسْمَ تِلْكَ الْغَنَائِمِ وَضَايَقُوهُ فِي طَرِيقِهِ لِإِلْحَاحِهِمْ عَلَيْهِ بِالْمَسْأَلَةِ حَتَّى أَلْجَؤُهُ إِلَى سَمُرَةَ فَدَنَتْ نَاقَتُهُ مِنْهَا فَعَلِقَتْ بِرِدَائِهِ وَهُوَ الثَّوْبُ الَّذِي يُلْقِيهِ عَلَى ظَهْرِهِ فَنَزَعَهُ عَنْ ظَهْرِهِ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي يُرِيدُ ثَوْبَهُ الَّذِي انْتَزَعَتْهُ السُّمْرَةُ مِنْهُ أَتَخَافُونَ أَنْ لَا أَقْسِمَ بَيْنَكُمْ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ يُرِيدُ الْإِنْكَارَ لِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ إِيَّاهُ لِأَنَّ ذَلِكَ سُؤَالُ مَنْ يَخَافُ أَنْ يُمْنَعَ حَقُّهُ وَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِي الْغَنِيمَةِ يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ سَيُعْطَاهُ وَيَسْتَوْفِيهِ فَلَا يَجِبُ أَنْ يَسْأَلَ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْغَنِيمَةِ فَيَسْتَغْنِي عَنْ الْإِلْحَاحِ لِمَا عَلِمَ مِنْ حَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ سَيُعْطِي مَنْ لَهُ سَهْمٌ سَهْمَهُ وَيُعْطِي مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ مِنْ الْخُمُسِ عَلَى قَدْرِ مَا يَسْتَحِقُّهُ وَتِلْكَ قِسْمَةٌ أُخْرَى فِي الْخُمُسِ تَتَنَاوَلُ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْغَنِيمَةِ وَمَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ سَمُرِ تِهَامَةَ لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ قَسَمُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ لِفِعْلِهِمْ وَكَثْرَةِ إلْحَاحِهِمْ عَلَيْهِ بِالسُّؤَالِ فِيمَا قَدْ عُرِفَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ حَتَّى أَنَّهُمْ قَدْ اعْتَقَدُوا فِيهِ الْمَنْعَ وَهَذَا مِمَّا لَا يَفْعَلُهُ فُقَهَاءُ الصَّحَابَةِ وَلَا فُضَلَاءُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ قَوْمٌ مِنْ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ أَوْ مِمَّنْ قَرُبَ إسْلَامُهُ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ الْفِقْهُ بَعْدُ فِي نَفْسِهِ وَلَا عَرَفَ أَنَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ تَفْرِيقَهُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ عَلَى الْغَانِمِينَ وَرَدَّ الْخُمُسِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَأَقْسَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي الْكَثْرَةِ مِثْلَ سَمُرِ تِهَامَةَ نَعَمًا لَمَا مَنَعَهُ ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَقْسِمَهُ بَيْنَهُمْ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لَا تَجِدُونَنِي بَخِيلًا وَلَا جَبَانًا وَلَا كَذَّابًا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَهُنَا ثُمَّ بِمَعْنَى الْوَاوِ فَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ إنِّي أَقْسِمُ عَلَيْكُمْ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَلَا تَجِدُونِي بَخِيلًا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا تَجِدُونِي جَبَانًا وَلَا كَذَّابًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ عَلَى بَابِهَا فِي التَّرْتِيبِ وَالْمُهْلَةِ فَيَكُونُ مَعْنَى ذَلِكَ أَنِّي أَقْسِمُ عَلَيْكُمْ جَمِيعَ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَعْدَ هَذَا بَخِيلًا بِمَا يَكُونُ لِي مَنْعُهُ وَصَرْفُهُ إِلَى سِوَاكُمْ وَلَا كَذَّابًا وَلَا جَبَانًا وَخَصَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ بِنَفْيِهَا عَنْ نَفْسِهِ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ : لِأَنَّ وُجُودَ أَضْدَادِهَا مِنْ الْجُودِ وَالصِّدْقِ وَالشَّجَاعَةِ مِنْ صِفَاتِ الْإِمَامِ فَنَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَفْسِهِ النَّقَائِصَ الَّتِي لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ فِي الْإِمَامِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ إمَامًا مَنْ كَانَتْ فِيهِ وَعَلَى هَذَا مَا قَالَهُ عُمَرُ : إِنَّ صِفَاتِ الْإِمَامِ أَكْثَرُ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَهِيَ إِحْدَى عَشَرَةَ صِفَةً فَقَدْ كَانَ يَجِبُ عَلَى هَذَا أَنْ يَنْفِيَ عَنْ نَفْسِهِ أَضْدَادَ جَمِيعِهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رَحِمهُ اللَّهُ : وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ إنَّمَا نَفَى عَنْ نَفْسِهِ هَذِهِ الثَّلَاثَ الْخِلَالَ لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالْحَالَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا لِأَنَّهُمْ كَانُوا سَأَلُوهُ مَا أَفَاءَ اللَّهُ مِنْ الْغَنَائِمِ وَالْمَالِ فَأَقْسَمَ أَنَّهُ يَقْسِمُ جَمِيعَهَا بَيْنَهُمْ وَلَا يَجِدُوهُ بَخِيلًا وَلَا كَذَّابًا فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ قِسْمَتِهَا وَلَا جَبَانًا يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ عَنْ عَدُوٍّ يَظْهَرُ فِي اللَّهِ عَلَيْهِ وَأَغْنَمَ مِثْلَ هَذِهِ الْغَنِيمَةِ وَأَكْثَرَ مِنْهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ جَبَانًا عَنْ السَّائِلِينَ لَهُ وَأَنَّ قِسْمَتَهُ الْفَيْءَ عَلَيْهِمْ لَا يَفْعَلُهُ عَنْ جُبْنٍ وَضَعْفٍ عَنْ مَنْعِهِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ طَاعَةً لِلَّهِ تَعَالَى فِي أَمْرِهِ وَتَفَضُّلًا عَلَى أُمَّتِهِ ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِي النَّاسِ فَقَالَ : أَدُّوا الْخَائِطَ وَالْمِخْيَطَ يُرِيدُ لَمَّا نَزَلَ مِنْ مَرْكَبِهِ وَلَعَلَّ نُزُولَهُ كَانَ بِالْجِعِرَّانَةِ لِقِسْمَةِ الْغَنَائِمِ وَكَانَتْ الْجِعِرَّانَةُ إذْ ذَاكَ دَارَ حَرْبٍ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قِسْمَةَ الْغَنِيمَةِ إنَّمَا تَكُونُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَا يُقْسَمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّتِهِ فِي الْحَرْبِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا الْخَائِطُ وَالْمِخْيَطُ فَإِنَّ الْخَائِطَ وَاحِدُ الْخُيُوطِ وَالْمِخْيَطَ الْإِبْرَةُ وَمَنْ رَوَاهُ الْخِيَاطَ فَقَدْ يَكُونُ الْخِيَاطُ الْخُيُوطَ وَيَكُونُ الْإِبْرَةَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَمَعْنَى ذَلِكَ الْأَمْرُ بِأَدَاءِ الْقَلِيلِ التَّافِهِ وَإِذَا وَجَبَ رَدُّ الْقَلِيلِ فَبِأَنْ يَجِبَ رَدُّ الْكَثِيرِ الَّذِي لَهُ الْقَدْرُ وَالْقِيمَةُ أَوْلَى وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إلَيْك وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إلَيْك فَمَنْ أَدَّى الْقِنْطَارَ فَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الدِّينَارَ وَمَنْ لَمْ يُؤَدِّ الدِّينَارَ فَهُوَ أَبْعَدُ إِلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْقِنْطَارَ فَإِذَا وَجَبَ أَدَاءُ الْخَيْطِ وَالْإِبْرَةِ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَبِأَنْ يَجِبَ أَدَاءُ الثَّوْبِ وَالْعَيْنِ أَوْلَى وَأَحْرَى وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَسَّعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَا لَا ثَمَنَ لَهُ مِثْلُ الْخِرْقَةِ يُرْقَعُ بِهَا أَوْ الْخَيْطِ يَخِيطُ بِهِ أَوْ مِسَلَّةٍ أَوْ إبْرَةٍ فَقَالَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ وَقَالَهُ أَصْبُغُ وَقَالَ : لَا خِلَافَ فِيهِ قَالَ مَالِكٌ : وَاَلَّذِي يَرُدُّ الْخَيْطَ وَالْكُبَّةَ وَمِثْلَهُ مِمَّا ثَمَنُهُ دَانِقٌ وَشَبَهُهُ أَخَافُ أَنْ يُرَائِيَ بِذَلِكَ وَلَيْسَ يَضِيقُ عَلَى النَّاسِ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ مَا كَانَ ثَمَنُهُ دِرْهَمًا وَنَحْوَهُ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ وَلَا يَبِيعَهُ فَمَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدُّوا الْخَائِطَ وَالْمِخْيَطَ إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ لَا عَلَى مَعْنَى إنَّمَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ خَيْطٍ مِنْ وَبَرٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ يَجِبُ نَقْلُهُ وَرَدُّهُ إِلَى الْغَنَائِمِ وَهَذَا كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَلَا مِثْلُ هَذَا ثُمَّ تَنَاوَلَ وَبَرَةً مِنْ الْأَرْضِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ وَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ وَمَنْ أَخَذَهُ مِنْ بَعِيرِ غَيْرِهِ أَذًى فَلَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ. ( فَصْلٌ ) قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ وَنَارٌ وَشَنَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْغُلُولُ السَّرِقَةُ مِنْ الْمَغْنَمِ فَمَنْ خَانَ مِنْهُ شَيْئًا فَقَدْ غَلَّ وَأَمَّا الشَّنَارُ فَهُوَ بِمَعْنَى الْعَيْبِ وَالْعَارِ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : الشَّنَارُ الْعَيْبُ وَالْعَارُ وَأَنْشَدَ لِلْقَطَامِيِّ وَنَحْنُ رَعِيَّةٌ وَهُمْ رُعَاةٌ وَلَوْلَا رَعْيُهُمْ شَنَعَ الشَّنَارُ فَأَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَدَاءِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ الْمَغْنَمِ فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ فَهُوَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَارٌ وَنَارٌ وَشَنَارٌ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ ثُمَّ تَنَاوَلَ مِنْ الْأَرْضِ وَبَرَةً مِنْ بَعِيرٍ أَوْ شَيْئًا يُرِيدُ مَا هُوَ غَايَةٌ فِي النِّذَارَةِ وَالْقِلَّةِ وَالْقَذَرِ ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ إِلَّا الْخُمُسُ يُرِيدُ أَنَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ لَهُمْ لَا حَقّ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ وَإِنَّمَا لَهُ أَخْذُ الْخُمُسِ فَهُوَ لَهُ بِمَعْنَى التَّصَرُّفِ وَالِاجْتِهَادِ فِي رَدِّهِ عَلَيْهِمْ وَلِذَلِكَ قَالَ : وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ يُرِيدُ ذَلِكَ الْخُمُسَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْغَنِيمَةِ شَيْءٌ يُوصَفُ بِالْخُمُسِ يَنْفَرِدُ بِحُكْمٍ غَيْرَ الْخُمُسِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ إنَّمَا يَصْرِفُهُ الْإِمَامُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى مِنْ اجْتِهَادِهِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ مُعَيَّنٌ لِأَحَدٍ.