«وإما» فيه إدغام نون إن الشرطية في ما المزيدة «نرينك بعض الذي نعدهم» به من العذاب من حياتك وجواب الشرط محذوف أي فذاك «أو نتوفينك» قبل تعذيبهم «فإنما عليك البلاغ» ما عليك إلا التبليغ «وعلينا الحساب» إذا صاروا إلينا فنجازيهم.
وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42)
" فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً» يعني المكر المضاف إلى عباده والمكر المضاف إليه سبحانه فنفى المكر عنهم «يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ» فأتى بلفظ كل وهي حرف شمول فشملت كل نفس فما تركت شيئا في هذا الموضع «وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ» الكافر الذي ستر عنه هذا العلم في الحياة الدنيا «لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ» في الدار الآخرة حيث ينكشف الغطاء عن الأعين فيعلم من كان يجهل .
------------
(42) الفتوحات ج 1 /
698 - ج 4 /
249
يقول تعالى لرسوله : ( وإن ما نرينك ) يا محمد ( بعض الذي نعدهم ) أي : نعد أعداءك من الخزي والنكال في الدنيا ، ( أو نتوفينك ) [ أي ] قبل ذلك ، ( فإنما عليك البلاغ ) أي : إنما أرسلناك لتبلغهم رسالة الله وقد بلغت ما أمرت به ، ( وعلينا الحساب ) أي : حسابهم وجزاؤهم ، كما قال تعالى : ( فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر إلا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم ) [ الغاشية : 21 - 26 ] .
قوله تعالى {وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم} {ما} زائدة، والتقدير : وإن نرينك بعض الذي نعدهم، أي من العذاب لقوله {لهم عذاب في الحياة الدنيا} [
الرعد : 34] وقوله {ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة} [
الرعد : 31] أي إن أريناك بعض ما وعدناهم {أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ} فليس عليك إلا البلاغ؛ أي التبليغ؛ {وعلينا الحساب} أي الجزاء والعقوبة. قوله تعالى {أولم يروا} يعني، أهل مكة، {أنا نأتي الأرض} أي نقصدها. {ننقصها من أطرافها} اختلف فيه؛ فقال ابن عباس ومجاهد {ننقصها من أطرافها} موت علمائها وصلحائها قال القشيري: وعلى هذا فالأطراف الأشراف؛ وقد قال ابن الأعرابي: الطرف والطرف الرجل الكريم؛ ولكن هذا القول بعيد، لأن مقصود الآية: أنا أريناهم النقصان في أمورهم، ليعلموا أن تأخير العقاب عنهم ليس عن عجز؛ إلا أن يحمل قول ابن عباس على موت أحبار اليهود والنصارى. وقال مجاهد أيضا وقتادة والحسن: هو ما يغلب عليه المسلمون مما في أيدي المشركين؛ وروي ذلك عن ابن عباس، وعنه أيضا هو خراب الأرض حتى يكون العمران في ناحية منها؛ وعن مجاهد: نقصانها خرابها وموت أهلها. وذكر وكيع بن الجراح عن طلحة بن عمير عن عطاء بن أبي رباح في قول الله تعالى {أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها} قال: ذهاب فقهائها وخيار أهلها. قال أبو عمر بن عبدالبر: قول عطاء في تأويل الآية حسن جدا؛ تلقاه أهل العلم بالقبول. قلت: وحكاه المهدوي عن مجاهد وابن عمر، وهذا نص القول الأول نفسه، روى سفيان عن منصور عن مجاهد، {ننقصها من أطرفها} قال: موت الفقهاء والعلماء؛ ومعروف في اللغة أن الطرف الكريم من كل شيء؛ وهذا خلاف ما ارتضاه أبو نصر عبدالرحيم بن عبدالكريم من قول ابن عباس. وقال عكرمة والشعبي: هو النقصان وقبض الأنفس. قال أحدهما: ولو كانت الأرض تنقص لضاق عليك حشك. وقال الآخر: لضاق عليك حش تتبرز فيه. قيل: المراد به هلاك من هلك من الأمم قبل قريش وهلاك أرضهم بعدهم؛ والمعنى: أو لم تر قريش هلاك من قبلهم، وخراب أرضهم بعدهم؟! أفلا يخافون أن يحل بهم مثل ذلك؛ وروي ذلك أيضا عن ابن عباس ومجاهد وابن جريج. وعن ابن عباس أيضا أنه بركات الأرض وثمارها وأهلها. وقيل: نقصها بجور ولاتها. قلت: وهذا صحيح معنى؛ فإن الجور والظلم يخرب البلاد، بقتل أهلها وانجلائهم عنها، وترفع من الأرض البركة، والله أعلم. قوله تعالى {والله يحكم لا معقب لحكمه} أي ليس يتعقب حكمه أحد بنقص ولا تغير. {وهو سريع الحساب} أي الانتقام من الكافرين، سريع الثواب للمؤمن. وقيل: لا يحتاج. في حسابه إلى روية قلب، ولا عقد بنان؛ حسب ما تقدم في "البقرة" بيانه.
وإن أريناك -أيها الرسول- بعض العقاب الذي توعَّدْنا به أعداءك من الخزي والنَّكال في الدنيا فذلك المعجَّل لهم، وإن توفيناك قبل أن ترى ذلك، فما عليك إلا تبليغ الدعوة، وعلينا الحساب والجزاء.
يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا تعجل عليهم بإصابة ما يوعدون به من العذاب، فهم إن استمروا على طغيانهم وكفرهم فلا بد أن يصيبهم ما وعدوا به، { إمَا نُرِيَنَّكَ } إياه في الدنيا فتقر بذلك عينك، { أو نتوفينك } قبل إصابتهم فليس ذلك شغلا لك { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ } والتبيين للخلق.
{ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ } فنحاسب الخلق على ما قاموا به، مما عليهم، وضيعوه، ونثيبهم أو نعاقبهم.
( وإما نرينك بعض الذي نعدهم ) من العذاب قبل وفاتك ( أو نتوفينك ) قبل ذلك ( فإنما عليك البلاغ ) ليس عليك إلا ذلك ( وعلينا الحساب ) الجزاء يوم القيامة .
(وَإِنْ ما) الواو استئنافية وإن الشرطية وما زائدة (نُرِيَنَّكَ) مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والكاف مفعول به أول وفاعله مستتر تقديره نحن (بَعْضَ) مفعول به ثان (الَّذِي) موصول مضاف إليه والجملة مستأنفة (نَعِدُهُمْ) مضارع ومفعوله وفاعله مستتر والجملة صلة (أَوْ) عاطفة (نَتَوَفَّيَنَّكَ) مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والكاف مفعوله (فَإِنَّما) الفاء رابطة وإنما كافة ومكفوفة (عَلَيْكَ الْبَلاغُ) مبتدأ مؤخر والجار والمجرور متعلقان بخبر مقدم والجملة في محل جزم جواب الشرط (وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) مبتدأ مؤخر وجار ومجرور متعلقان بالخبر المقدم والجملة معطوفة.
Traslation and Transliteration:
Wain ma nuriyannaka baAAda allathee naAAiduhum aw natawaffayannaka fainnama AAalayka albalaghu waAAalayna alhisabu
Whether We let thee see something of that which We have promised them, or make thee die (before its happening), thine is but conveyance (of the message). Ours the reckoning.
Onlara vaat ettiğimiz şeylerin bir kısmını sana göstersek de sana düşen vazife, ancak tebliğdir, seni öldürsek de ve hesap, bize aittir.
Que Nous te fassions voir une partie de ce dont Nous les menaçons, ou que Nous te fassions mourir (avant cela), ton devoir est seulement la communication du message, et le règlement de compte sera à Nous.
Und (ganz gleich) ob WIR dir einen Teil von dem zeigen, was WIR ihnen androhen, oder ob WIR dich sterben lassen, dir ist nur das Verkünden geboten, und Uns ist das Zur-Rechenschaft-Ziehen.
 |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الرعد (Ar-Ra'd - The Thunder) |
ترتيبها |
13 |
عدد آياتها |
43 |
عدد كلماتها |
854 |
عدد حروفها |
3450 |
معنى اسمها |
(الرَّعْدُ): الصَّوتُ القَوِيُّ الَّذِي يُسْمَعُ مِنَ السَّحَابِ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ صِفَةِ تَسْبِيحِ الرَّعْدِ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى المَقْصِدِ العَامِّ للسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الرَّعْدِ) |
مقاصدها |
بَيَانُ الأَدِلَّةِ العَدِيدَةِ عَلَى قُدْرَةِ اللهِ تعَالَى وَتَوحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِن صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿الٓر﴾، فَفِي الحَدِيثِ الطَّوِيْلِ؛ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: أَقرِئْنِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «اقرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ﴿الٓر﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الرَّعْدِ) بِآخِرِهَا:
ذِكْرُ القُرْآنِ الكَرِيمِ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ...١﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَمَنۡ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡكِتَٰبِ ...٤٣﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الرَّعْدِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (يُوسُفَ عليه السلام):
قَالَ عَنِ القُرْآنِ فِي آخِرِ (يُوسُفَ عليه السلام): ﴿مَا كَانَ حَدِيثٗا يُفۡتَرَىٰ ...١١١﴾، وَوَصَفَ المُعْرِضِينَ عَنْهُ فِي أَوَّلِ (الرَّعْدِ) فَقَالَ: ﴿الٓمٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِۗ وَٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤۡمِنُونَ ١﴾. |