«ولقد علمتم النّشاءَةَ الأولى» وفي قراءة بسكون الشين «فلولا تذكرون» فيه إدغام التاء الثانية في الأصل في الذال.
وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (90)
يريد يمين المبايعة التي بيدها الميثاق ، ما يريد يمين الجارحة .
------------
(90) الفتوحات ج 1 /
749
ثم قال : ( ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون ) أي : قد علمتم أن الله أنشأكم بعد أن لم تكونوا شيئا مذكورا ، فخلقكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ، فهلا تتذكرون وتعرفون أن الذي قدر على هذه النشأة - وهي البداءة - قادر على النشأة الأخرى ، وهي الإعادة بطريق الأولى والأحرى ، وكما قال : ( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ) [ الروم : 27 ] ، وقال : ( أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا ) [ مريم : 67 ] ، وقال : ( أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ) [ يس : 77 - 79 ] ، وقال تعالى : ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ) ؟ [ القيامة : 36 - 40 ] .
قوله تعالى {نحن خلقناكم فلولا تصدقون} أي فهلا تصدقون بالبعث؟ لأن الإعادة كالابتداء. وقيل : المعنى نحن خلقنا رزقكم فهلا تصدقون أن هذا طعامكم إن لم تؤمنوا؟ {أفرأيتم ما تمنون} أي ما تصبونه من المني في أرحام النساء. {أأنتم تخلقونه} أي تصورون منه الإنسان {أم نحن الخالقون} المقدرون المصورون. وهذا احتجاج عليهم وبيان للآية الأولى، أي إذا أقررتم بأنا خالقوه لا غيرنا فاعترفوا بالبعث. وقرأ أبو السمال ومحمد بن السميقع وأشهب العقيلي {تمنون} بفتح التاء وهما لغتان أمنى ومنى، وأمذى ومذى يمني ويمني ويمذي ويمذي. الماوردي : ويحتمل أن يختلف معناها عندي، فيكون أمنى إذا أنزل عن جماع، ومنى إذا أنزل عن الاحتلام. وفي تسمية المني منيا وجهان : أحدهما لإمنائه وهو إراقته. الثاني لتقديره، ومنه المنا الذي يوزن به لأنه مقدار لذلك، وكذلك المني مقدار صحيح لتصوير الخلقة. قوله تعالى {نحن قدرنا بينكم الموت} احتجاج أيضا، أي الذي يقدر على الإماتة يقدر على الخلق، وإذا قدر على الخلق قدر على البعث. وقرأ مجاهد وحميد وابن محيصن وابن كثير {قدرنا} بتخفيف الدال. الباقون بالتشديد، قال الضحاك : أي سوينا بين أهل السماء وأهل الأرض. وقيل : قضينا. وقيل : كتبنا، والمعنى متقارب، فلا أحد يبقى غيره عز وجل. {وما نحن بمسبوقين} أي إن أردنا أن نبدل أمثالكم لم يسبقنا أحد، أي لم يغلبنا. {بمسبوقين} معناه بمغلوبين. {على أن نبدل أمثالكم} وقال الطبري : المعنى نحن قدرنا بينكم الموت {على أن نبدل أمثالكم} بعد موتكم بآخرين من جنسكم، وما نحن بمسبوقين في آجالكم، أي لا يتقدم متأخر ولا يتأخر متقدم. {وننشئكم في ما لا تعلمون} من الصور والهيئات. قال الحسن : أي نجعلكم قردة وخنازير كما فعلنا بأقوام قبلكم. وقيل : المعنى ننشئكم في البعث على غير صوركم في الدنيا، فيجمل المؤمن ببياض وجهه، ومقبح الكافر بسواد وجهه. سعيد بن جبير : قوله تعالى {فيما لا تعلمون} يعني في حواصل طير سود تكون ببرهوت كأنها الخطاطيف، وبرهوت واد في اليمن. وقال مجاهد {فيما لا تعلمون} في أي خلق شئنا. وقيل : المعنى ننشئكم في عالم لا تعلمون، وفي مكان لا تعلمون. قوله تعالى {ولقد علمتم النشأة الأولى} أي إذ خلقتم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ولم تكونوا شيئا، عن مجاهد وغيره. قتادة والضحاك : يعني خلق آدم عليه السلام. {فلولا تتذكرون} أي فهلا تذكرون. وفي الخبر : عجبا كل العجب للمكذب بالنشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى، وعجبا للمصدق بالنشأة الآخرة وهو لا يسعى لدار القرار. وقراءة العامة {النشأة} بالقصر. وقرأ مجاهد والحسن وابن كثير وأبو عمرو {النشاءة} بالمد، وقد مضى في "العنكبوت" بيانه.
ولقد علمتم أن الله أنشأكم النشأة الأولى ولم تكونوا شيئًا، فهلا تذكَّرون قدرة الله على إنشائكم مرة أخرى.
أحالهم الله تعالى على الاستدلال بالنشأة الأولى على النشأة الأخرى، فقال: { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ } أن القادر على ابتداء خلقكم، قادر على إعادتكم.
( ولقد علمتم النشأة الأولى ) الخلقة الأولى ولم تكونوا شيئا .( فلولا تذكرون ) أني قادر على إعادتكم كما قدرت على إبدائكم .
(وَلَقَدْ) الواو حرف قسم وجر واللام واقعة في جواب القسم وقد حرف تحقيق (عَلِمْتُمُ) ماض وفاعله (النَّشْأَةَ) مفعول به (الْأُولى) صفة والجملة جواب القسم لا محل لها (فَلَوْ لا) الفاء حرف عطف ولولا حرف تحضيض (تَذَكَّرُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة معطوفة على ما قبلها.
Traslation and Transliteration:
Walaqad AAalimtumu alnnashata aloola falawla tathakkaroona
And verily ye know the first creation. Why, then, do ye not reflect?
Ve andolsun ki ilk yaratılışı biliyorsunuz, biliyorsunuz da ne diye düşünmüyorsunuz?
Vous avez connu la première création. Ne vous rappelez-vous donc pas?
Und gewiß, bereits wißt ihr Bescheid über die erste Erstehung, würdet ihr doch euch erinnern!
 |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الواقعة (Al-Waqi'a - The Inevitable) |
ترتيبها |
56 |
عدد آياتها |
96 |
عدد كلماتها |
379 |
عدد حروفها |
1692 |
معنى اسمها |
وَقَعَ الأَمْرُ: تَمَّ وَحَدَثَ، وَ(الوَاقِعَةُ) مِن أَسْمَاءِ يَومِ الْقِيَامَةِ؛ إِذْ وُقُوعَهَا حَادِثٌ مَتَى شَاءَ اللهُ تَعَالَى |
سبب تسميتها |
دَلالَةُ مَعْنَى: (الْوَاقِعَةِ) عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ للسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الْوَاقِعَةِ) |
مقاصدها |
إِثْباَتُ وُقُوعِ يَومِ الْقِيَامَةِ، وَانْقِسَامِ النَّاسِ فِيهِ إِلِى ثَلاثَةِ أَصْنَافٍ، وَبَيَانِ مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِكُلِّ صِنْفٍ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
فِيهَا مَوْعِظَةٌ شَدِيْدَةٌ عَنِ العَذَابِ وَأَهْوَالِ يَوِمِ القِيَامَةِ، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ شِبْتَ، قَالَ: «شَيَّبَتْنِي (هُودٌ) و(الْوَاقِعَةُ) وَ(الْمُرْسَلَاتُ) وَ(عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ) وَ(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ)».(حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، رواه التِّرمِذِيّ).
مِنَ النَّظَائِرِ الَّتِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَفِي حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّوِيْلِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ النَّظائِرَ، السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، .... (وَإِذَا وَقَعَتْ، وَ نّ) في رَكْعَةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الواقعة) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ أَصْنَافِ النَّاسِ يَومِ الْقِيَامَةِ، بَيَّنَهُمْ فِي أَوَّلِهَا فَقَالَ: ﴿وَكُنتُمۡ أَزۡوَٰجٗا ثَلَٰثَةٗ ٧﴾... الآيَاتِ، وَذَكَرَهُم فِي أَوَاخِرِهَا فَقَالَ: ﴿فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ ٨٨﴾... الآيَاتِ.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الوَاقِعَةِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الرَّحْمَنِ): لَمَّا خَتَمَ (الرَّحْمَنَ) بِذِكْرِ نَعِيمِ المُتَّقِينَ؛ فَصَّلَ نَعِيمَهُمْ فِي أَوَائِلِ (الوَاقِعَةِ) فقَالَ: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلسَّٰبِقُونَ ١٠﴾... الآياتِ. |