موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية

وهو كتاب الطبقات الكبرى

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومنهم سلمان الفارسي (رضي الله عنه)

كان عطاؤه خمسة آلاف، وكان أميراً على زهاء ثلاثين ألفاً من المسلمين، وكان يخطب على الناس في عباءة يفرش بعضها ويلبس بعضها، فإذا خرج عطاؤه أمضاه، وكان يكل من شغل يديه ويستظل بالفيء حيثما دار ولم يكن له بيت، وكان يعجن عن الخادم حين يرسلها في حاجة، ويقول: لا نجمع عليها عملين، وكان يعمل الخوص ويقول أشتري خوصاً بدرهم فأعمله فأبيعه بثلاثة دراهم فأعيد درهماً فيه وأنفق درهماً على عيالي وأتصدق بدرهم، وكان لا يأكل من صدقات الناس، وكان الناس يسخرونه في حمل أمتعتهم لرثاثة حاله، فربما عرفوه فيريدون أن يحملوا عنه فيقول لا حتى أوصلكم إلى المنزل وهو إذ ذاك أمير على المدائن، وكان رضي الله عنه يقول: إنما مثل المؤمن في الدنيا كمثل مريض معه طبيبه الذي يعلم داءه ودواءه، فإذا اشتهى ما يضره منعه، وقال: إن أكلته هلكت، وكذلك المؤمن يشتهي أشياء كثيرة فيمنعه الله عز وجل منها حتى يموت فيدخل الجنة، وكان رضي الله عنه يقول عجباً لمؤمل الدنيا والموت يطلبه وغافل ليس بمغفول عنه، وضاحك ولا يدري أربه راض عنه أم ساخط، وكان رضي الله عنه يقول: عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عهداً فقال: " ليكن بلغة أحدكم مثل زاد الراكب " .

عاش رضي الله عنه مائتين وخمسين سنة، وتوفي في خلافة عثمان رضي الله عنه.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!