موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية

وهو كتاب الطبقات الكبرى

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومنهم أبو عبد الرحمن حاتم بن علوان الأصم (رضي الله عنه)

هو من قدماء المشايخ بخراسان من أهل بلخ صحب شقيقاً البلخي وهو أستاذ أحمد بن حضرويه مات أبو عبد الرحمن سنة سبع وثلاثين ومائتين ودفن عند رباط يقال له سروند على جبل فوق واشجرد.

ومن كلامه رضي الله عنه إذا رأيت المريد يريد غير مراده فاعلم أنه قد أظهر بذلته وقد

مكر به، وكان رضي الله عنه يقول: من ادعى ثلاثاً بغير ثلاث فهو كذاب من ادعى خشية الله تعالى من غير ورع عن محارمه فهو كذاب، ومن ادعى حب الجنة من غير إنفاق ماله في طاعة الله فهو كذاب، ومن ادعى محبة النبي صلى الله عليه وسلم من غير محبة الفقر فهو كذاب، وأرسل عصام بن يوسف رحمه الله شيئاً إلى حاتم فقبله فقيل له لم قبلته فقال رأيت أن في قبوله ذل نفسي وفي رده عزها وكان يقول: مررت براهب فقال لي: من أين أنت فقلت من بلخ فقال: مع من كنت تجلس فقلت كنت أجالس شقيقاً البلخي فقال: أيش سمعته يقول: فقلت سمعته يقول لو أن السماء من نحاس والأرض من حديد فلا السماء تمطر قطرة، ولا الأرض تنبت حبة، وكان عيالي ملء ما بين الخافقين، لم أبال فقال الراهب هذا رجل سوء لا ينبغي الجلوس إليه فقلت لم فقال: لأنه يفكر فيما لم يكن كيف لو كان إنما ينبغي له أن يفكر فيما كان كيف كان لا تجالسه فإنه فاسد الفكر.

ودخل حاتم محمد بن مقاتل عالم الري يعوده فرأى داره واسعة وفرشه وطيئة وغلماناً وخدماً بين يديه فلم يسلم عليه وقال له يا محمد بمن اقتديت في بناء بيتك هذا وفرشك هذه وأمتعتك هذه أنا لنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين والأئمة، والصالحين أم بفرعون ونمروذ فسكت محمد فقال حاتم يا علماء السوء إنما مثلكم مثل الجاهل المتكالب على الدنيا الراغب فيها لا مثل العلماء العاملين بل أنتم فساد للعامة يقولون: إذا كان هذا محمد العالم على هذا الحال فأنا تبع له فازداد محمد بن مقاتل مرضاً على مرضه من كلام حاتم رضي الله عنه، ثم قال حاتم رضي الله عنه لمحمد أنا رجل أعجمي أريد منك أن تعلمني كيف الوضوء للصلاة فقال له توضأ، وأنا أنظر فغسل حاتم ثلاثاً في المضمضة والاستنشاق فلما جاء يده اليسرى غسل يده أربعاً فقال له: أسرفت في غسل ذراعك أربعاً فقال حاتم: سبحان الله تنكر على الإسراف في كف ماء ولا تنكر على نفسك في إسرافك في جميع ما أنت فيه فعلم محمد أن حاتماً إنما قصد بطلبه تعليم الوضوء هذه القضية فتنبه لنفسه وخرج من دار وغلمانه ولحق بالفقراء رضي الله عنهم أجمعين.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!