
لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية
وهو كتاب الطبقات الكبرى
تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني
![]() |
![]() |
ومنهم أبو حمزة محمد بن إبراهيم البغدادي البزار رحمه الله تعالى
صحب السري السقطي، وحسناً المسوحي، وكان ينتمي إلى المسوحي أكثر، وكان فقيهاً عالماً بالقرآن، وكان يتكلم ببغداد في مسجد الرصافة قبل كلامه في مسجد المدينة تكلم يوماً في مسجد المدينة فتغير عليه حاله، وسقط عن كرسيه ومات في الجمعة الثانية، وكان موته قبل الجنيد، وكان من رفقاء أبي تراب النخشبي في أسفاره، وكان الإمام أحمد إذا جرى في مجلسه شيء من كلام القوم يقول لأبي حمزة رحمه الله تعالى ما تقول في هذا يا صوفي، ودخل البصرة مراراً وصحب بشراً الحافي.
مات رحمه الله تعالى سنة تسع وثمانين ومائتين رحمه الله، ومن كلامه رضي الله عنه من المحال أن تحبه، ثم لا تذكره، ومن المحال أن تذكره، ثم لا يوجدك طعم ذكره، ومن المحال أن يوجدك طعم ذكره، ثم يشغلك بغيره، وكان رضي الله عنه يقول: وقفت على راهب في طريق الروم، فقلت له: هل عندك شيء من خبر من مضى، فقال: نعم فريق في الجنة، وفريق في السعير، وكان يقول: حب الفقير شديد، ولا يصبر عليه إلا صديق، وكان يقول: إذا فتح الله عليك طريقاً من طريق الخير فألزمه، وإياك أن تنظر إليه، أو تفتخر به، واشتغل بشكر من وفقك لذلك فإن نظرك إليه يسقطك من مقامك واشتغالك بالشكر يوجب لك فيه المزيد قال الله تعالى: لئن شكرتم لأزيدنكم، واكن يقول: من علم طريقة الحق هان عليه سلوكها، وهو الذي علمها بتعليم الله إياه، وأما من علمها بالاستدلال فمرة يخطئ، ومرة يصيب، ولا دليل على الطريق إلى الله تعالى إلا متابعة الرسول عليه الصلاة والسلام في أفعاله، وأحواله، وأقواله، وكان رضي الله عنه يقول: قد يقطع بقوم في الجنة كما وقع آدم عليه السلام، وهم الذين يقولون لهم ملائكة الحق " كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية " فإنه شغلهم عنه بالأكل، والشرب، ولا مكر فوق هذا، ولا حسرة أعظم منها عند العارفين بالله تعالى.
وروي أنه كان حسن الكلام فهتف به هاتف تكلمت، فأحسنت بقي عليك أن تسكت فتحسن، فما تكلم بعد ذلك حتى مات، وسئل هل يتفرغ المحب لشيء سوى محبوبه فقال: لا لأن المحب في بلاء دائم، وسرور منقطع، وأوجاع متصلة لا يعرفها إلا من باشرها رضي الله عنه.
![]() |
![]() |