ومنهم أبو بكر عبد الله بن طاهر الأبهري رضي الله عنه
من كبار مشايخ الجبل، وهو من أقران الشبلي رضي الله عنه صحب يوسف بن الحسين الرازي، وأبا مظفر القرمسيني، وغيرهما من المشايخ، وكان عالماً ورعاً مات رضي الله عنه قريباً من ثلاثين وثلاثمائة، ومن كلامه رضي الله عنه الجمع جمع المتفرقات، والتفرقة تفرتة المجموعات فإذا جمعت قلت الله، وإذا فرقت نظرت إلى الكونين، وكان رضي الله عنه يقول: إن الله تعالى أطلع نبيه صلى الله عليه وسلم على ما يكون في أمته من بعده من الخلاف، وما يصيبهم في عار الدنيا فكان إذا ذكر ذلك وجد غانة في قلبه منه، فاستغفر الله لأمته، وقيل له: ما بال الإنسان يحتمل من علمه ما لا يحتمل ممن أبويه؟ فقال: لأن أبويه سبب حياته الفانية، ومؤدبه سبب حياته الباقية، وتصديق ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " اغد عالماً أو متعلماً ولا تكن فيما بين ذلك فتهلك " وكان رضي الله عنه يقول: المحن ثلاثة تطهير، وتكفير، وتذكير فالتذكير من الكبائر، والتكفير من الصغائر، والتذكير لأهل الصفاء، وكان رضي الله عنه يقول: همة الصالحين الطاعة بلا معصية، وهمة العلماء المزيد في الصواب، وهمة العارفين إعظام الله تعالى في قلوبهم، وهمة أهل الشوق سرعة الموت، وهمة المقربين سكون القلب إلى الله تعالى.