
لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية
وهو كتاب الطبقات الكبرى
تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني
![]() |
![]() |
ومنهم أبو عمرو محمد بن إبراهيم الزجاجي (رضي الله عنه)
نيسابوري الأصل صحب الجنيد، والثوري وأبا عثمان ورويما الخواص، ودخل مكة، وأقام بها، وصار شيخها، والمنظور إليه فيها، وحج رضي الله عنه قريباً من ستين حجة، ومات في الحرم سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة، وكان يجتمع هو والكتاني، والنهرجوري، والمرتعش، وغيرهم فيكون صدر الحلقة، وإذا تكلم في شيء رجعوا كلهم إلى كلامه، وفضائله أكثر من أن تحصى رحمه الله تعالى ومكث بمكة أربعين سنة فلم يبل قط ولم يتغوط في الحرم بل كان يخرج كلما قضى حاجته إلى الحل، وكان رضي الله عنه يقول: من تكلم على حال لم يصل إليه كان كلامه فتنة لمن يسمعه، وهوى يتولد في قلبه، وحرم الله عليه الوصول إلى تلك الحال، وبلوغه، وكان رضي الله عنه يقول: من جاور بالحرم، وقلبه متعلق بشيء سوى الله تعالى فقد أظهر خسارته، ومن سرق شيئاً بالحرم من الحجاج الآفاقية ليتوسع به أبعده الله، ووكل قلبه بالشح، وأطلق لسانه بالشكوى، ونسخ قلبه من المعارف، وخرجت منه أنوار اليقين، ومقته بين خليقته.
قلت: ويقاس على ذلك من جاور ببيت الله المقدس، والحرم النبوي، والمساجد المعظمة كالجامع الأزهر بمصر، وجامع الزيتونة بالمغرب، وغيرها من المساجد والله أعلم. وكان رضي الله عنه يقول: مما جربناه لرد الضالة: اللهم يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه اجمع بيني، وبين ضالتي، ويقرأ قبله سورة، والضحى ثلاثاً قال: وقد وقع مني فص في دجلة فدعوت به فوجدت الفص في وسط أوراق كنت أتصفحها، وسئل رضي الله عنه عن حديث: " تفكر ساعة خير من عبادة سنة " فقال المراد: بذلك التفكر نسيان النفس، والله أعلم.
![]() |
![]() |