
لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية
وهو كتاب الطبقات الكبرى
تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني
![]() |
![]() |
ومنهم الحسن بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)
ولد في النصف من رمضان سنة ثلاث من الهجرة، وأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أذنه وسماه الحسن، وكان حليماً كريماً ورعاً دعاه ورعه وحلمه إلى أن ترك الدنيا، والخلافة لله عز وجل، وكان من المبادرين إلى نصرة عثمان رضي الله عنه.
وولي الخلافة بعد قتل أبيه وبايعه أكثر من أربعين ألفاً، كانوا بايعوا أباه، وبقي نحو سبعة أشهر خليفة بالحجاز واليمن والعراق وخراسان وغير ذلك، ثم سار إليه معاوية من الشام وسار إلى معاوية فلما تقاربا علم أنه لن تغلب إحدى الطائفتين حتى يقتل أكثر الأخرى، فأرسل إلى معاوية يبذل له تسليم الأمر على أن تكون الخلافة له من بعده، وعلى أن لا يطالب أحداً من أهل المدينة والحجاز والعراق بشيء مما كان أيام أبيه وغير ذلك، من القواعد، فأجابه معاوية إلى ما طلب فاصطلحا على ذلك وظهرت المعجزة النبوية في قوله صلى الله عليه وسلم: " إن ابني هذا سيد يصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين " وكان ذلك إحدى وأربعين وكان أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال القضاعي ولم يمت الحسن حتى قتل عبد الرحمن بن ملجم قاتل الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وسمع رضي الله عنه رجلا يسأل الله عز وجل أن يرزقه عشرة آلاف درهم، فانصرف الحسن وأرسل بها إليه، وكان يقول: إني لأستحيي من ربي عز وجل، أن ألقاه ولم أمش إلى بيته، فمشى عشرين مرة إلى مكة من المدينة على رجليه، وكانت الجنائب تقاد معه، وخرج من ماله لله تعالى مرتين، وقاسم الله تعالى ثلاث مرات حتى إنه كان ليعطي نعلا ويمسك نعلا، وكان رضي الله عنه يجيز الواحد بمائة ألف درهم وكان إذا اشترى من أحد حائطاً ثم افتقر البائع يرد عليه الحائط ويردفه بالثمن معه، وما قال قط لسائل لا، وكان لا يعطي لأحد عطية إلا شفعها بمثلها، وكان يقول لبنيه وبني أخيه تعلموا العلم فإن لم تستطيعوا حفظه فاكتبوه وضعوه في بيوتكم، ولما شرب السم تقطع كبده فقال: إني قد سقيت السم مراراً فلم أسق مثل هذه المرة، وقال له الحسين رضي الله عنه يا أخي من تتهم؟ قال لم؟ قال لنقتله قال إن يكن الذي أظنه فالله أشد بأساً وأشد تنكيلا، وإن لم يكن فما أحب أن يقتل بي بريء، فلما نزل به الموت قال: أخرجوا فراشي إلى صحن الدار، فأخرج فقال اللهم إني أحتسب نفسي عندك فإني لم أصب بمثلها ثم قبض سنة خمسين ودفن بالبقيع رضي الله عنه.
![]() |
![]() |