موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية

وهو كتاب الطبقات الكبرى

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومنهم أبو عثمان سعيد بن سلام المغربي رضي الله عنه

من القيروان من قرية يقال لها كوكب أقام بالحرم الشريف مدة، وكان شيخه، وصحب أبا علي بن الكاتب حبيباً المصري. وأبا عمرو الزجاجي، ولقي النهرجوري، وأبا الحسين بن الصائغ الدينوري، وغيرهم من المشايخ، ولم ير مثله في علو الحال، وصون الوقت وصحة الحكم بالفراسة، وقوة الهيبة، ورد نيسابور، ومات بها سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، وأوصى أن يصلي عليه الإمام أبو بكر بن فورك، وكان يقول: من حفظ جوارحه تحت الأوامر فهو في اعتكاف على الدوام، وكان رضي الله عنه يقول: أبي الملك الجبار إلا أن يختبر أولياءه بتسليط عدوهم عليهم ليرى كيف صبرهم عليه فإن صبروا على بلوى عدوهم جللهم بعلمه، وحباهم بوصله، وأسكنهم في جواره، ونعمهم بمشاهدته، ولذذهم بذكره، وأوصلهم بمعرفته، وجعلهم أئمة يقتدي بهم، ونجاة لعباده، ورحمة في أرضه.

قلت: ومعنى صبرهم على عدوهم أن يصبروا على مجاهدته في ترك ما يأمرهم به، ولا يتقلقوا من كثرة وساوسه فيطيعوه والله أعلم، وكان رضي الله عنه يقول: إن الله جعل أنس عباده في رؤية أوليائه، وكان يقول في معنى حديث أكثر أهل الجنة البله معناه الأبله في دنياه الفقيه في دينه، وكان رضي الله عنه يقول: من أثر صحبة الأغنياء على مجالسة الفقراء ابتلاه الله تعالى بموت القلب، وكان يقول: العاصي خير من المدعي لأن العاصي يطلب طريق التوبة، والمدعي يتخبط في خبال دعواه، وكان يقول: أفواه العارفين فاغرة لمناجاة القدرة، وكان يقول: الولي قد يكون مستوراً، ولكن لا يكون مفتوناً، وكان يقول: من لم يسمع من نهيق الحمار مثل ما يسمع من صوت العود، ودواخل المغنين فهو كذاب. رضي الله عنه.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!