ومنهم أبو محمد عبد الله بن محمد الراسبي رضي الله عنه ورحمه
بغدادي الأصل من أجلة مشايخهم صحب ابن عطاء، والجريري، ورحل إلى الشام ثم عاد إلى بغداد، ومات بها سنة سبع وستين وثلاثمائة، وكان يقول: إذا امتحن القلب بالتقوى ترحل عنه حب الدنيا، وحب الشهوات، واطلع على المغيبات، ومن لم يمتحن قلبه بالتقوى لا يبرح عن حب الدنيا، ولم يزل محجوباً عن المغيبات قلت: ولذلك استعمل النصابون الرياضات لاستخدام الجان ليخبروهم بالمغيبات حين عدموا الصدق في الزهد في الدنيا فأخطئوا، ومقتوا نسأل الله السلامة لنا، ولإخواننا المسلمين فيما بقي من العمر إنه سميع مجيب، وكان رضي الله عنه يقول: المحبة إذا ظهرت افتضح فيها المحب، وإذا كتمت قتلت المحب كمداً، وكان يقول: خلق الله الأنبياء عليهم الصلاة، والسلام للمجالسة، وخلق العارفين للمواصلة، وخلق الصالحين للملازمة، وخلق المؤمنين للمجاهدة، والعبادة، وكان رضي الله عنه يقول في قوله تعالى: " تريديون عرض الدنيا، والله يريد الآخرة " جمع بين إرادتين فمن أراد الدنيا دعاه الله إلى الآخرة، ومن أراد الآخرة دعاه الله إلى قربه قال تعالى: " ومن أراد الآخرة وسعى لها سخيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً " " الإسراء: 19 " والسعي المشكور هو البلوغ إلى منتهى الآمال من القرب، والدنو، وكان رضي الله عنه يقول: من البلاء العظيم صحبتك من لا يوافقك، ولا تستطيع تركه رضي الله عنه.