
لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية
وهو كتاب الطبقات الكبرى
تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني
![]() |
![]() |
ومنهم الشيخ أبو سعيد القلوري (رضي الله عنه)
هو من أكابر العارفين، والأئمة المحققين صاحب الأنفاس الصادقة، والأفعال الخارقة، والكرامات، والمعارف، وكان يفتي ببلده، وما حولها، وكان يتكلم بقلورية على علوم الشرائع، والحقائق على كرسي عال، وقصد بالزيارات من سائر أقطار الأرض. ومن كلامه رضي الله عنه من شرط الفقير أن لا يملك شيئاً، ولا يملكه شيء وأن يصفو قلبه من كل دنس، ويسلم صدره لكل أحد، وتسمح نفسه بالبذل والإيثار.
كان رضي الله عنه يقول: التصوف التبري مما دون الحق كما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام فانهم عدو لي إلا رب العالمين، وكان رضي الله عنه يقول: لا يكمل الصوفي حتى يستتر عن الخلق بلوائح الوجد، وكان يقول: التوحيد غض الطرف عن الأكوان بمشاهدة مكونها سبحانه، وتعالى وكان رضي الله عنه يقول: العارف، وحداني الذات لا يقبله أحد، ولا يقبل أحداً، وكان الخضر عليه السلام يأتيه كثيراً. سكن رضي الله عنه قلورية من قرى نهر الملك قريبة من بغداد وبها مات قريباً من سنة سبع وخمسين وخمسمائة، وقبره بها ظاهر يزار، وكان يلبس لباس العلماء، ويتطيلس، ويركب البغلة ودعي مرة إلى طعام هو، وأصحابه فمنعهم من أكل ذلك الطعام، وأكله وحده فلما خرجوا قال لهم: إنما منعتكم من أكله لأنه كان حراماً ثم تنفس فخرج من أنفه دخان أسود عظيم كالعمود، وتصاعد في الجو حتى غاب عن أبصار الناس ثم خرج من فمه عمود نار، وصعد إلى الجو حتى غاب عن النظر ثم قال هذا الذي رأيتموه هو الطعام الذي أكلته عنكم، رضي الله عنه.
![]() |
![]() |