موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية

وهو كتاب الطبقات الكبرى

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومنهم الشيخ أبو محمد ماجد الكردي رضي الله عنه

هو من أعيان مشايخ العراقين، وصدور المقربين، وأئمة المحققين، وانعقد عليه إجماع المشايخ بالاحترام والتعظيم. ومن كلامه رضي الله عنه قلوب المشتاقين منورة بنور الله عز وجل، وإذا تحرك فيها الاشتياق أضاء نوره ما بين السماء، والأرض فيباهي الله عز وجل بهم الملائكة ويقول: أشهدكم أنني إليهم أشوق، وكان رضي الله عنه يقول: من اشتاق إلى ربه أنس، ومن أنس طرب ومن طرب قرب، ومن قرب سار، ومن سار حار، ومن حار طار، ومن طار قرت عينه بالاقتراب، وكان رضي الله عنه يقول: الزاهد يعالج الصبر والمشتاق يعالج الشكر، والواصل يعالج الولاية، وكان يقول: الشوق نار الله تضرم في قلوب الأحباب، ولا تهدأ إلا بلقائه، والنظر إليه وكان رضي الله عنه يقول: نار الهيبة تذيب للقلوب، ونار المحبة تذيب الأرواح ونار الشوق تذيب النفوس، وكان يقول: الصمت عبادة من غير عناء، وزينة من غير حلي وهيبة من غير سلطان، وحصن من غير سور، وراحة للكاتبين، وغنية عن الاعتذار، وكان رضي الله عنه يقول: كفى بالمرء علماً أن يخشى الله تعالى، وكفى به جهلا أن يعجب بنفسه، والعجب فضله حمق يغطي به صاحبه عيوب نفسه فلا تتغطى، وكان يقول: ما خلق الله تعالى من عجيبة إلا، ونقشها في صورة الآدمي ولا أوجد أمراً غريباً إلا وسلطه فيها، ولا أبرز سراً إلا وجعل فيها مفتاح علمه فهو نسخة مختصرة من العالم، وكان يقول: السكر من مقامات المحبين خاصة فإن عيون الفناء لا تقبله، ومنازل العلم لا تبلغه. وكان يقول: للسكر ثلاث علامات الضيق عن الاشتغال بالسوي، والتعظيم قائم، واقتحام لجة الشوق والتمكين دائم، ومن كانت سكرته بالهوى كان صحوه إلى ضلالة، وجاءه رجل يودعه، وهو يريد الحج على قدم التجريد والوحدة، ولا يستصحب زاداً، ولا أحداً فأخرج له الشيخ ماجد ركوته، وأعطاها له، وقال إنك تجد فيها ماء إن أردت الوضوء، ولبناً إن عطشت، وسويقاً إن جعت فكان الرجل من طول سفره من جبل حمرين بالعراف إلى مكة، وفي مدة إقامته في الحجاز، وفي رجوعه من الحجاز إلى العراق إذا أراد الوضوء توضأ منها ماء مالحاً وإذا أراد الشرب شرب منها ماء حلوا وإذا أراد الغذاء شرب لبناً، وعسلا وسويقاً أحلى من السكر. سكن رضي الله عنه جبال حمرين من أرض العراق واستوطنه إلى أن مات سنة إحدى وستين وخمسمائة، وقبره بها ظاهر يزار رضي الله عنه.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!