موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية

وهو كتاب الطبقات الكبرى

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومنهم الشيخ جاكير (رضي الله عنه)

هو من أكابر المشايخ، وأعيان العارفين المقربين، وأئمة المحققين، وهو أحد أركان هذه الطريقة، وكان تاج العارفين أبو الوفاء يثني عليه، وينوه بذكره وبعث إليه طاقية مع الشي علي بن الهيتي وأمره أن يضعها على رأسه نيابة عنه، ولم يكلفه الحضور إليه وقال سألت الله تعالى أن يكون جاكير مريدي فوهبه لي وكان المشايخ بالعراق يقولون انسلخ الشيخ جاكير من نفسه كما انسلخت الحية من جلدها، وكان يقول: ما أخذت العهد قط على مريد حتى رأيت اسمه مكتوباً في اللوح المحفوظ وأنه من أولادي. ومن كلامه رضي الله عنه المشاهدة هي ارتفاع الحجب بين العبد وبين الرب فيطلع بصفاء القلوب على ما أخبره به من الغيب فيشاهد الجلال، والعظمة، وتختلف عليه الأحوال والمقامات فتداخله الحيرة، والدهشة ثم تخرجه الحيرة إلى البهتة فتراه شاخصاً بالحق إلى الحق، وتارة يشاهد الجلال، وتارة يطالع الجمال، وتارة يرى البهاء، وتارة ينظر إلى الكمال، وتارة يلوح له الكبرياء والعزة، وتارة يبدو له الجبروت، والعظمة، وتارة يشهد اللطف، والبهجة فهذا يبسطه وهذا يقبضه، وهذا يطويه وهذا ينشرة، وهذا يفقده وهذا يوجده، وهذا يبديه، وهذا يعيده، وهذا يفنيه، وهذا يبقيه فهو زائل عن نعوت البشرية قائم بصفات العبودية لا يحس بالأغيار، ولا يشهد غير عظمة الجبار.

وكان رضي الله عنه يقول: إذا قدحت نار التعظيم مع نور الهيبة في زناد السر تولد منها شعاع المشاهدة فمن شاهد الحق عز وجل، في سره سقط الكون من قلبه، وإذا توالت المشاهدة على القوم تولاهم الحق تعالى ثم حجبهم فجذبوا من الحيرة في نور المشاهدة إلى الحيرة في نور الأزل ثم اختطفوا من الدهشة إلى الحيرة في نور الأزل ثم اختطفوا من الدهشة في قدس الأنس إلى الدهشة في عين الجمع فمن حائر بين الاستتار، والتجلي ومن هائم بين العبد والتداني، ومن هائم بين الوصل، والتعالي، وهو محل الاستقامة، والتمكين، وذلك صفة الحضرة ليس فيها سوى الذبول تحت موارد الهيبة قال الله عز وجل فلما حضروه قالوا أنصتوا، وقال في قوله تعالى: " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا " معناه استقاموا على المشاهدة لأن من عرف الله تعالى لا يهاب غيره، ومن أحب شيئاً لا يطالع سواه، وكانت نفقته من الغيب، وكان رضي الله عنه من الأكراد، وسكن صحراء من صحاري العراق بالقرب من قنطرة الرصاص على يوم من سامرا، واستوطنها إلى أن مات رضي الله عنه بها مسناً، وبها دفن وقبره، ظاهر يزار، وعمر الناس عنده قرية يطلبون البركة بذلك رضي الله عنه.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!